الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن اختلفا شاهد القتل في الزمان أو المكان أو فيما وقع به القتل أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لم ندر بماذا قتله بطلت ) ، ولو قال المؤلف ، ولو شهد أربعة بقتل واختلفوا في الزمان أو المكان أو فيما وقع به القتل أو قالا قتله بعصا وقال الآخر : لم ندر بماذا قتله بطلت لكان أولى ; لأنه إذا علم ببطلان شهادة المثنى عند الاختلاف علم بطلان شهادة الفرد من باب أولى ; لأن القتل لا يتكرر ، فالقتل في زمان أو في مكان غير القتل في مكان آخر أو في زمان آخر ، وكذا القتل بآلة غير القتل بآلة أخرى وتختلف الأحكام باختلاف الآلة فكان على كل قتل شهادة فرد فلم تقبل ; ولأن اتفاق الشاهدين شرط للقبول ولم يوجد ; ولأن القاضي يقضي بكذب أحدهما لاستحالة اجتماع ما ذكرنا فلا تقبل بمثله ، .

                                                                                        وكذا لو كمل النصاب في كل واحد منهما لتيقن القاضي بكذب أحد الفريقين دون الآخر حيث يقبل الكامل منهما لعدم المعارض أطلق في المكان ، وهو مقيد بالكبير قال شيخ الإسلام خواهر زاده في شرح ديات الأصل أنهما إذا اختلفا في المكان يتسامح متقاربان كبيت صغير فشهد أحدهما أنه رآه قتله في هذا الجانب وشهد الآخر أنه قتله في الجانب الآخر ، فإنه تقبل الشهادة استحسانا وكذلك لو اختلفا في الآلة وفي الإسبيجابي كما إذا قال أحدهما قتله بالسيف وقال الآخر قتله بالقصاص وقيدنا بما ذكر ; لأنهما لو اختلفا في القاتل لا تقبل كما سيأتي واعلم بأن الكلام في الآلة على فصول أحدهما أن يتفقا على الآلة بأن شهدا أنه قتله عمدا بالسيف أو قتله بالعصا ، فإن شهدا أنه قتله بالسيف إن ذكرا صفة التعمد بأن قالا قتله عمدا بالسيف ، فإنه تقبل شهادتهما ويقضى عليه بالقصاص ، ولو قالا قتله بالسيف خطأ تقبل شهادتهما ويقضى بالدية على العاقلة ، وإن سكتا عن ذكر صفة العمد والخطأ ، فهذا وما لو ذكرا صفة العمد سواء ، وإن قالا لا ندري قتله عمدا أو خطأ ، فإنه تقبل هذه الشهادة ويقضى بالدية في مال القاتل ، وهذا الذي ذكرنا أن الشهادة مقبولة جواب الاستحسان والقياس أن لا تقبل هذه الشهادة ، وإن شهدا أنه قتله بالعصا إن كان العصا صغيرا لا تقتل مثله غالبا ، فإنه تقبل الشهادة ويقضى بالدية عندهم جميعا كما لو ثبت معاينة سواء شهدا بالعمد أو بالخطأ وأطلقا .

                                                                                        وإن كان العصا كبيرا تقتل مثله غالبا فعلى قول أبي حنيفة الجواب عنه كالجواب فيما لو شهدوا أنه قتله بالسيف ، وأما إذا بين أحدهما الآلة وقال الآخر : لا أدري بماذا قتله ; فلأن المطلق يغاير المقيد ; لأنه معدوم والمقيد موجود فاختلفا وكذا أيضا حكمهما مختلف ، فإن من قال قتله بعصا يوجب الدية على العاقلة ، ومن قال لا أعلم بماذا قتله على القاتل فاختلف المشهود به فبطلت ، وهو المراد بقوله وقال أحدهما : قتله بعصا وقال الآخر لم ندر بماذا قتله وكذا لو شهد أحدهما بالقتل معاينة والآخر على إقرار القاتل بذلك كان باطلا لاختلاف المشهود به .

                                                                                        فإن شهد أحدهما بالقتل معاينة والآخر على إقرار القاتل بذلك كان باطلا لاختلاف المشهود به ، فإن أحدهما فعل يوجب القصاص والآخر الدية .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية