الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ولو استأجر رب الدار الفعلة لإخراج الجناح أو الظلة فوقع قبل أن يفرغوا من العمل فقتل إنسانا فالضمان عليهم ; لأن التلف بفعلهم ; لأن العمل لا يكون مسلما إلى رب الدار قبل فراغهم منه فانقلب فعلهم قتلا حتى وجبت عليهم الكفارة ويحرمون من الإرث بخلاف ما تقدم من المسائل من إخراج الجناح أو الميزاب أو الكنيف إلى الطريق فقتل إنسانا بسقوطه حيث لا تجب فيه الكفارة ولا يحرم الإرث ; لأنه تسبب وهنا مباشرة القتل غير داخل في عقده فلم يستند فعلهم إليه فاقتصر عليهم قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هذا على وجوه أما إن قال لهم ابنوا لي جناحا على فناء داري ، فإنه ملكي ولي منه حق إشراع الجناح إليه من القديم ولم تعلم الفعلة ثم ظهر بخلاف ما قال ثم سقط فأصاب شيئا فالضمان على الآجر ويرجعون بالضمان على الآمر قياسا واستحسانا سواء سقط قبل الفراغ من العمل أو بعده ; لأن الضمان وجب على الفاعل بأمر الآمر فكان له أن يرجع به عليه كما لو استأجر شخصا ليذبح له شاة ثم استحقت الشاة بعد الذبح كان للمستحق أن يضمن الذابح ويرجع الذابح به على الآمر فكذا هذا ، وأما إذا قال لهم اشرعوا لي جناحا على فناء داري وأخبرهم أنه ليس له حق الشرع في القديم أو لم يخبرهم حتى بنوا ثم سقط فأتلف شيئا إن سقط قبل الفراغ من العمل فالضمان عليهم ولم يرجعوا به على الآمر قياسا ، وإن سقط بعد الفراغ من العمل فكذلك في جواب القياس ; لأن المستأجر أمرهم بما لا يملك مباشرته بنفسه وقد علموا فساد أمره فلم يحكم بالضمان على المستأجر كما لو استأجر رجلا ليذبح شاة جار له وأعلمه فذبح ثم ضمن الذابح للجار لم يرجع به على الآمر وكذا لو استأجرهم ليبنوا له بيتا في وسط الطريق ثم سقط وأتلف شيئا لم يرجعوا به على الآمر وفي الاستحسان يكون الضمان على الآمر ; لأن هذا الأمر صحيح من حيث إنه لا يجوز بيعه فمن حيث إن الأمر صحيح يكون إقرار الضمان على الآمر بعد الفراغ من الفعل ومنه حيث إنه فاسد يكون الضمان على العامل قبل الفراغ من العمل عملا بها وإظهار شبهة الصحة بعد الفراغ من العمل أولى من إظهاره قبل الفراغ ; لأن أمر الآمر إنما لا يصلح من حيث إنه لا يملك الانتفاع بفناء داره ، وإنما حصل له ذلك بعد الفراغ [ ص: 397 ] من العمل .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية