الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( مأذونة مديونة ولدت بيعت مع ولدها في الدين وإن جنت فولدت لم يدفع الولد له ) والفرق أن الدين متعلق برقبتها لأن الدين عليها وهو وصف لها حكمي فسرى إلى الولد لأن الصفات الشرعية الثابتة في الأصل تسري إلى الفروع كالملك والرق والحرية وأما الدفع في الجناية فواجب في ذمة المولى لا في ذمتها وإنما يلاقيها أثر الفعل الحقيقي وهو الدفع وقبل الدفع كانت رقبتها خالية عن حق الجناية فكذلك لا يجري القصاص على الأولاد ولا الحد لأنهما فعلان محسوسان كالدفع ولا يبيعها فيه فإن قيل إذا كان الدين عليهما فلماذا يضمن المولى إذا أعتقها والإنسان إذا أتلف المديون لا يضمن شيئا قلنا وجوب الضمان باعتبار تفويت ما تعلق به حقهم استيفاء لا باعتبار وجوب الدين على المولى ألا ترى أنه يضمن القيمة لا غير ولو كان باعتبار الوجوب عليه يضمن كل الدين كالعبد الجاني إذا أعتقه المولى بعد العلم بالجناية ولهذا يتبع الغريم بالفاضل العبد المديون بعد العتق ولو كان على المولى لما اتبعه كالعبد الجاني ولا يرد علينا وجوب دفع الأرش معها إذا جنى عليها قبل الدفع وأخذ المولى الأرش لأن الأرش بدل جزئها وهو ولي الجناية متعلق بجميع أجزائها فإذا فات جزء منها و أخلف بدلا تعلق به حقه كما إذا قتلت وأخلفت بدلا اعتبارا للجزء بالكل بخلاف الولد وقوله مأذونة ولدت شرط السراية إلى الولد أن تكون الولادة بعد لحوق الدين لأنها إذا ولدت ثم لحقها الدين لا يتعلق حق الغرماء بالولد .

                                                                                        بخلاف الاكتساب حيث يتعلق حق الغرماء بما كسبت قبل الدين وبعده لأن لها يدا معتبرة في الكسب حتى لو نازعها فيه أحد كانت هي الخصم فيه فباعتبار اليد كانت هي أحق به من سيدها لقضاء دينها بخلاف الولد فإنه إنما يستحق بالسراية وذلك قبل الانقضاء لا بعده كولد المكاتبة وولد أم الولد والمدبرة وكولد الأضحية لأنها حقوق مستقرة في الرقبة حتى صار صاحبها ممنوعا عن التصرف وإذا جنى العبد جناية ثم أذن له المولى في التجارة فلحقه دين دفع بجنايته فإن الدائن يتبعه فإذا بيع لهم رجع أولياء الجناية على المولى بقيمة العبد وكذلك لو أقر عليه بدين ثم دفعه بجنايته في دينه ورجع أولياء الجناية بقيمته على المولى وذكر بعد هذا إذا وجب الدين على العبد ببينة ثم أقر المولى عليه بجنايته خطأ بيع العبد في الدين ولم يلتفت إلى الجناية وفيه أيضا رجل في يده عبد لا يدري أنه له أو لغيره ولم يدع صاحب اليد أنه له ولم يسمع من العبد إقرار أنه عبد صاحب اليد إلا أنه يقر بأنه عبد فجنى هذا العبد جناية وثبت ذلك بالبينة أو بإقرار صاحب اليد ثم إن صاحب اليد أقر أنه لرجل وصدقه المقر له بذلك وكذبه في الجناية فإن كانت الجناية ببينة قيل للمقر له ادفع أو افده وإن كانت الجناية بإقرار الذي كان العبد في يده أخذ المقر له العبد وبطلت الجناية ولم يكن على المقر من الجناية شيء وقد قدمناها بغير هذه العبارة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية