الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن قتل أحدهما عمدا والآخر خطأ فعفا أحد وليي العمد فدى بالدية لولي الخطأ وبنصفها لأحد وليي العمد ) لأن حقهما في الدية عشرة آلاف وحق وليي العمد في القصاص فإن عفا أحدهما انقلب نصيب الآخر مالا وهو نصف الدية خمسة آلاف فإذا فداه بخمسة عشر ألف درهم عشرة آلاف لولي الخطأ وخمسة آلاف لغير العافي من وليي العمد وإن دفعه إليهم أثلاثا ثلثاه لوليي الخطأ وثلثه للساكت من وليي العمد بطريق العمد لأن حقهم في الدية كذلك فيضرب وليا الخطأ بعشرة آلاف ويضرب غير العافي من وليي العمد بخمسة آلاف وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله .

                                                                                        وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يدفعه أرباعا بطريق المنازعة ثلاثة أرباعه لوليي الخطأ وربعه لغير العافي من وليي العمد لأن نصفه سلم لوليي الخطأ بلا منازعة فاستوت منازعتهم في النصف الآخر فينتصف فإن قيل ينبغي أن يسلم للمولى ربع العبد في هذه المسألة وهي نصيب العافي من وليي العمد ويدفع ثلاثة أرباعه إليهم تقسم بينهم على قدر حقوقهم كما سلم له النصف وهو نصيب العافين قلنا لا يمكن ذلك هنا لأن لوليي الخطأ استحقاق كله ولم يسقط من حقهما شيء وهذا لأن حق كل واحد من الفريقين تعلق بكل الرقبة في المسألتين غير أنه لما عفا ولي كل قتيل سقط حق العافين على الرقبة في المسألة الأولى وخلى نصيبهما منه عن حقهما وصار ذلك للمولى وهو النصف بخلاف ما نحن فيه فإن حق وليي الخطأ ثابت في الكل على حاله وكانت الرقبة كلها مستحقة لهما والنصف لغير العافي من ولي العمد فلهذا افترقا فيقسمونها كلها على قدر حقوقهم بطريق العول والمنازعة ولهذه المسألة نظائر ذكرناها في كتاب الدعوى من هذا الكتاب بأصولها الذي نشأ منها الخلاف بتوفيق الله تعالى فلا نعيدها ولم يتعرض المؤلف لما إذا جنى القن على الغاصب ونحن نذكر ذلك تتميما للفائدة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية