الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( ولو محتبسا بالشاطئ فعلى أقرب القرى ) أي لو كان القتيل محتبسا بالشاطئ فعلى أقرب القرى في ذلك الموضع لأن الشط في أيديهم يستقون منه ويوردون دوابهم فكانوا أخص بنصرته وفي شرح الطحاوي وإن كان الشط ملكا لأحد فإن كان ملكا خاصا فهو كالدار وإن كان ملكا عاما فهو كالمحلة [ ص: 453 ] فأما إذا كان نهرا صغيرا انحدر من الفرات أو نحوه لأقوام معروفين فإنه تجب القسامة على أصحاب النهر والدية على عاقلتهم وفي الكافي والنهر الصغير ما يستحق بالشركة فيه الشفعة وإلا فهو عظيم كالفرات وجيحون ولم يتعرض المؤلف لما إذا وجد في بيت من ثبتت له بعض الحرية وفي الخانية ولو وجد المكاتب قتيلا في دار اشتراها لا يجب فيه شيء في قولهم جميعا وفي المكاتب سوى أبو حنيفة أيضا بين ما إذا وجد قتيلا في داره وبين ما إذا وجد غيره قتيلا إلا أنه إذا وجد غيره قتيلا لا تجب الدية على العاقلة لأنه لا عاقلة للمكاتب وإنما تجب عليه لأن عاقلته نفسه ولو وجد جميع أهل المحلة فلا تجب الدية على عواقلهم وتسقط القسامة وذكر في المنتقى عن ابن أبي مالك عن أبي حنيفة أن من وجد قتيلا في دار نفسه فليس فيه قسامة ولا دية وروى الحسن بن زياد عن أبي يوسف أنه قال على سكان القبيلة وعلى عاقلة المقتول دية قالوا وهو قول أبي حنيفة فرواية ابن أبي مالك تخالف رواية الأصول وفي الذخيرة وفي شرح شيخ الإسلام إذا وجد قتيل في محلة وزعم أهل المحلة أن رجلا منهم قتله ولم يدع ولي القتيل على واحد منهم بعينه لم تسقط عنهم القسامة والدية ورواية الحسن بن زياد إذا وجد العبد أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد الذي سعى في بعض قيمته قتيلا في محلة فعليهم القسامة وتجب القيمة على عواقل أهل المحلة في ثلاث سنين .

                                                                                        وقد روي عن أبي يوسف أنه لا يجب عليهم شيء في العبد والمكاتب والمدبر وأم الولد وهذا يجعل كجناية على البهائم ولهذا قال بأنه تجب قيمته بالغة ما بلغت إذا كان خطأ وإذا كان عمدا يجب القصاص وأما معتق البعض فإنه تجب فيه القسامة والدية عندهم جميعا لأنه بمنزلة الحر عند أبي يوسف ومحمد والحر إذا وجد قتيلا في محلة فإنه تجب على أهل المحلة القسامة والدية وعند أبي حنيفة هو بمنزلة المكاتب في الحكم إذا وجد قتيلا في محلة عنده هذا وفي شرح الطحاوي ولو وجد القتيل في دار المكاتب فإنه تكرر عليه الأيمان فإن حلف يجب عليه الأقل من قيمته ومن الدية إلا عشرة لأن المكاتب عاقلة نفسه وفي التجريد والأعمى والمحدود في القذف والكافر القسامة عليهم وإذا وجد العبد قتيلا في دار مولاه فلا شيء فيه لأن المولى صار قاتلا له حكما بملك الدار فيعتبر بما لو باشر ولو باشر لم يكن على المولى شيء فكذا هذا قالوا وهذا إذا لم يكن على العبد دين فأما إذا كان على العبد دين فإنه يضمن المولى الأقل من قيمته ومن الدين وقد نص محمد على هذا التفصيل في كتاب المأذون .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية