قال رحمه الله ( كل دية وجبت بنفس القتل على العاقلة ) والعاقلة الجماعة الذين يعقلون العقل ، وهو الدية يقال وديت القتيل إذا أعطيت ديته ، وعقلت عن القاتل أي أديت عنه ما لزمه من الدية ، وقد ذكرنا الدية ، وأنواعها في كتاب الديات ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=23611_23610_23607وجوبها على العاقلة فالأصل فيه ما صح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109835عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية المرأة المقتولة ودية جنينها على عصبة العاقلة فقال أبو القاتلة المقضي عليه يا رسول الله كيف أغرم من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ومثل ذلك ضلال فقال عليه الصلاة والسلام هذا من الكهان } ، ولأن النفس محرمة فلا وجه إلى إهدارها ، ولا إيجاب على المخطئ لأنه معذور فرفع عنه الخطأ ، وفي إيجاب الكل عليه عقوبة لما فيه من إجحافه واستئصاله فيضم إليه العاقلة تحقيقا للتخفيف فكانوا أولى بالضم ، وقوله كل دية وجبت بنفس القتل يحترز به عما ينقلب مالا بالصلح أو بالشبهة لأن العدو يوجب العقوبة فلا يستحق التخفيف فلا تتحمل عنه العاقلة ، وفي مبسوط
شيخ الإسلام طعن بعض ، وقال لا جناية من العاقلة ، ووجوب الدية باعتبارها فتكون في مال القاتل يؤيد ذلك قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15ولا تزر وازرة وزر أخرى } ألا ترى أن من أتلف دابة يضمنها في ماله فكذا إيجاب الدية قلنا إيجاب الدية على العاقلة مشهور ثبت بالأحاديث المشهورة ، وعليه عمل الصحابة ، ومن بعدهم يتراد به على كتاب الله تعالى .
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( كُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ) وَالْعَاقِلَةُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ الْعَقْلَ ، وَهُوَ الدِّيَةُ يُقَالُ وَدَيْتُ الْقَتِيلَ إذَا أَعْطَيْتُ دِيَتَهُ ، وَعَقَلْتُ عَنْ الْقَاتِلِ أَيْ أَدَّيْتُ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الدِّيَةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الدِّيَةَ ، وَأَنْوَاعَهَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=23611_23610_23607وُجُوبُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالْأَصْلُ فِيهِ مَا صَحَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109835عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ وَدِيَةِ جَنِينِهَا عَلَى عَصَبَةِ الْعَاقِلَةِ فَقَالَ أَبُو الْقَاتِلَةِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَغْرَمَ مَنْ لَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَلَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَمِثْلُ ذَلِكَ ضَلَالٌ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هَذَا مِنْ الْكُهَّانِ } ، وَلِأَنَّ النَّفْسَ مُحَرَّمَةٌ فَلَا وَجْهَ إلَى إهْدَارِهَا ، وَلَا إيجَابَ عَلَى الْمُخْطِئِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فَرُفِعَ عَنْهُ الْخَطَأُ ، وَفِي إيجَابِ الْكُلِّ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إجْحَافِهِ وَاسْتِئْصَالِهِ فَيَضُمُّ إلَيْهِ الْعَاقِلَةَ تَحْقِيقًا لِلتَّخْفِيفِ فَكَانُوا أَوْلَى بِالضَّمِّ ، وَقَوْلُهُ كُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا يَنْقَلِبُ مَالًا بِالصُّلْحِ أَوْ بِالشُّبْهَةِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ فَلَا تَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْعَاقِلَةُ ، وَفِي مَبْسُوطِ
شَيْخِ الْإِسْلَامِ طَعَنَ بَعْضٌ ، وَقَالَ لَا جِنَايَةَ مِنْ الْعَاقِلَةِ ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِهَا فَتَكُونُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ دَابَّةً يَضْمَنُهَا فِي مَالِهِ فَكَذَا إيجَابُ الدِّيَةِ قُلْنَا إيجَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مَشْهُورٌ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَتَرَادُّ بِهِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى .