الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولو أحدث في ركوعه أو سجوده توضأ وبنى وأعادهما ) ; لأن إتمام الركن بالانتقال ومع الحدث لا يتحقق فلا بد من الإعادة أما على قول محمد فظاهر ، وأما عند أبي يوسف فالسجدة ، وإن تمت بالوضع لكن الجلسة بين السجدتين فرض عنده ولا تتحقق هي بغير طهارة ، والانتقال من ركن إلى ركن فرض بالإجماع ، وذكر المصنف في الكافي أن التمام على نوعين : تمام ماهية وتمام مخرج عن العهدة ، فالسجدة وإن تمت بالوضع ماهية لم تتم تماما مخرجا عن العهدة ا هـ .

                                                                                        فالإعادة هنا على سبيل الفرض وهي مجاز عن الأداء ; لأنهما لم يصحا فلذا لو لم يعد فسدت صلاته ، ولو كان إماما فقدم غيره ودام المقدم على ركوعه وسجوده ; لأنه يمكنه الإتمام بالاستدامة عليه ، ولهذا قال في الظهيرية ، ولو أحدث الإمام في الركوع فقدم غيره فالخليفة لا يعيد الركوع ويتم . كذلك ذكره شمس الأئمة السرخسي وقيد المصنف في الكافي بناءه بما إذا لم يرفع مريدا الأداء فلو سبقه الحدث في الركوع فرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده فسدت صلاته وصلاة القوم ، ولو رفع رأسه من السجود ، وقال الله أكبر مريدا به أداء ركن فسدت صلاة الكل ، وإن لم يرد به أداء الركن ففيه روايتان عن أبي حنيفة . ا هـ . وقد قدمناه .

                                                                                        ( قوله ولو ذكر راكعا أو ساجدا سجدة فسجدها لم يعدهما ) ; لأن الانتقال مع الطهارة شرط ، وقد وجد ; لأن الترتيب ليس بشرط فيما شرع مكررا من أفعال الصلاة ، وذكر المصنف في الوافي في هذه المسألة أنه يعيدهما ولا تناقض ; لأن ما في الكنز لبيان عدم اللزوم وما في أصله لبيان [ ص: 405 ] الأفضل لتقع الأفعال مرتبة بالقدر الممكن وكان ينبغي أن تكون إعادتهما واجبة ; لأن الترتيب المذكور واجب قال المصنف في الكافي ولئن كان الترتيب واجبا فقد سقط بعذر النسيان وتبعه المحقق في فتح القدير ، وفيه نظر لآن الترتيب الساقط بعذر النسيان إنما هو ترتيب الفوائت ، وأما الواجب في الصلاة إذا تركه ناسيا فإن حكمه سجود السهو وجوابه أنهم لم يمنعوا وجوب سجود السهو ، وإنما الكلام في إعادته لأجل تركه الترتيب فالمعلل له عدم لزوم الإعادة لا عدم وجوب السجود . أطلق في السجدة فشملت الصلاتية والتلاوية وقيد بالتذكر في الركوع والسجود ; لأنه لو تذكر سجدة صلبية في القعود الأخير فسجدها أو تذكر في الركوع أنه لم يقرأ السورة فعاد لقراءتها ارتفض ما كان فيه ; لأن الترتيب فيه فرض كما أسلفناه في صفة الصلاة ، وفي فتح القدير له أن يقضي السجدة المتروكة عقب التذكر وله أن يؤخرها إلى آخر الصلاة فيقضيها هناك ا هـ .

                                                                                        وبما ذكر هنا ظهر ضعف ما في فتاوى قاضي خان من أن الإمام لو صلى ركعة وترك منها سجدة وصلى أخرى وسجد لها فتذكر المتروكة في السجود أنه يرفع رأسه من السجود ويسجد المتروكة ، ثم يعيد ما كان فيها ; لأنها ارتفضت فيعيدها استحسانا ا هـ .

                                                                                        فإنك قد علمت أنها لا ترتفض وأن الإعادة مستحبة ومقتضى الارتفاض افتراض الإعادة وهو مقتض لافتراض الترتيب ، وقد اتفقوا على وجوبه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية