[ ص: 2 ] بسم الله الرحمن الرحيم ( باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها ) .
لما كان سبق الحدث عارضا سماويا والمفسدات عارضا كسبيا قدم ذاك وأخر هذا والفساد والبطلان في العبادات سواء ( قوله يفسد الصلاة التكلم ) لحديث مسلم { إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن } وفي رواية البيهقي { إنما هي } وما لا يصلح فيها مباشرته يفسدها مطلقا كالأكل والشرب والمكروه غير صالح من وجه دون وجه والنص يقتضي انتفاء الصلاح مطلقا أطلقه فشمل العمد والنسيان والخطأ والقليل والكثير لإصلاح صلاته أو لا عالما بالتحريم أو لا ولهذا عبر بالتكلم دون الكلام ليشمل الكلمة الواحدة كما عبر بها في المجمع لأن التكلم هو النطق يقال تكلم بكلام وتكلم كلاما كذا في ضياء الحلوم وسواء أسمع غيره أو لا وإن لم يسمع نفسه وصحح الحروف فعلى قول الكرخي تفسد وحكي عن الإمام محمد بن الفضل عدمه والاختلاف فيه نظير الاختلاف فيما إذا قرأ في صلاته ولم يسمع نفسه هل تجوز صلاته وقد بيناه كذا في الذخيرة وفي المحيط النفخ المسموع المهجي مفسد عندهما خلافا لأبي يوسف لهما أن الكلام اسم لحروف منظومة مسموعة من مخرج الكلام لأن الإفهام بهذا يقع وأدنى ما يقع به انتظام الحروف حرفان ا هـ .
وينبغي أن يقال إن أدناه حرفان أو حرف مفهم كع أمر أو كذا ق فإن فساد الصلاة بهما ظاهر وشمل الكلام في النوم وهو قول كثير من المشايخ وهو المختار واختار فخر الإسلام [ ص: 3 ] وغيره أنها لا تفسد وأما ما رواه الحاكم وصححه { إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } فهو من باب المقتضى ولا عموم له لأنه ضروري فوجب تقديره على وجه يصح والإجماع منعقد على أن رفع الإثم مراد فلا يراد غيره وإلا لزم تعميمه وهو في غير محل الضرورة ولقائل أن يقول إن حديث ذي اليدين الثابت في صحيح مسلم فإنه تكلم في الصلاة حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم على رأس الركعتين ساهيا وتكلم بعض الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم فكان حجة للجمهور بأن كلام الناسي ومن يظن أنه ليس فيها لا يفسدها فإن أجيب بأن حديث ذي اليدين منسوخ كان في الابتداء حين كان الكلام فيها مباحا فممنوع لأنه رواية أبي هريرة وهو متأخر الإسلام وإن أجيب بجواز أن يرويه عن غيره ولم يكن حاضرا فغير صحيح لما في صحيح مسلم عنه { بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم } وساق الواقعة وهو صريح في حضوره ولم أر عنه جوابا شافيا وأراد من التكلم التكلم لغير ضرورة لما سيأتي أنه لو عطس أو تجشا فحصل منه كلام لا تفسد لتعذر الاحتراز عنه كما في المحيط ودخل في التكلم المذكور قراءة التوراة والإنجيل والزبور فإنه يفسد كما في المجتبى وقال في الأصل لم يجزه وفي جامع الكرخي فسدت وعن أبي يوسف إن أشبه التسبيح جاز .
[ ص: 2 ]


