الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن أوصى بذلك لقوم مسمين فهو من الثلث ) أي إذا أوصى أن يبني داره بيعة أو كنيسة لمعينين فهو جائز من الثلث ; لأن الوصية فيها معنى الاستخلاف ومعنى التمليك فأمكن تصحيحها على اعتبار المعنيين قال رحمه الله ( وبداره كنيسة لقوم غير مسمين صحت كوصية حربي مستأمن بكل ماله لمسلم أو ذمي ) يعني إذا أوصى بداره أن تبنى كنيسة لقوم غير مسمين صحت كما تصح لحربي . . . إلخ أما الأول وهو ما إذا أوصى إلى قوم مسمين فهو قول أبي حنيفة وعندهما الوصية باطلة ; لأنها معصية حقيقة وإن كان في معتقدهم قربة ، والوصية بالمعصية باطلة ; لأن تنفيذها تقرير للمعصية ولأبي حنيفة أن هذه قربة في معتقدهم ونحن أمرنا أن نتركهم وما يدينون فيجوز بناء على معتقدهم ألا ترى أنه لو أوصى بما هو قربة حقيقة وهو معصية في معتقدهم لا تجوز الوصية اعتبارا لاعتقادهم فكذا عكسه .

                                                                                        ثم الفرق لأبي حنيفة بين بنائها وبين الوصية بها أن البناء ليس بسبب لزوال الملك وإنما يزول ملك الباقي بأن يصير محرزا خالصا لله تعالى كما في مساجد المسلمين ، والكنيسة لا تحرز لله تعالى على ما بيناه فيورث عنه بخلاف الوصية ; لأنها وضعت لإزالة الملك غير أن ثبوت مقتضى الوصية وهو الملك امتنع فيما ليس بقربة عندهم فيبقى فيما هو قربة عندهم على مقتضاه فيزول ملكه فلا يورث قال مشايخنا : هذا فيما أوصى ببنائها في القرى وأما في المصر فلا يجوز بالاتفاق ; لأنهم لا يمكنون من إحداث البيعة في الأمصار وعلى هذا الخلاف .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية