( قوله ) أي يفسدها عند وقراءته من مصحف وقالا هي تامة لأنها عبادة انضافت إلى عبادة إلا أنه يكره لأنه تشبه بصنيع أبي حنيفة أهل الكتاب وجهان أحدهما أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير الثاني أنه تلقن من المصحف فصار كما إذا تلقن من غيره وعلى هذا الثاني لا فرق بين الموضوع والمحمول عنده وعلى الأول يفترقان وصحح ولأبي حنيفة المصنف في الكافي الثاني وقال إنها تفسد بكل حال تبعا لما صححه شمس الأئمة السرخسي وربما يستدل كما ذكره لأبي حنيفة العلامة الحلبي بما أخرجه ابن أبي داود عن قال نهانا ابن عباس أن نؤم الناس في المصحف فإن الأصل كون النهي يقتضي الفساد وأراد بالمصحف المكتوب فيه شيء من القرآن فإن الصحيح أنه لو قرأ من المحراب فسدت كما هو مقتضى الوجه الثاني كما صرحوا به وأطلقه فشمل القليل والكثير وما إذا لم يكن حافظا أو حافظا للقرآن وهو إطلاق الجامع الصغير وذهب بعضهم إلى أنه إنما تفسد إذا قرأ آية وبعضهم إذا قرأ الفاتحة وقال أمير المؤمنين قول الرازي محمول على من لم يحفظ القرآن ولا يمكنه أن يقرأ إلا من مصحف فأما الحافظ فلا تفسد صلاته في قولهم جميعا وتبعه على ذلك أبي حنيفة السرخسي في جامعه الصغير على ما في النهاية وأبو نصر الصفار على ما في الذخيرة معللا بأن هذه القراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقنه من المصحف
وجزم به في فتح القدير والنهاية والتبيين وهو أوجه كما لا يخفى وفي الظهيرية ثم لم يذكر في الكتاب أنه والأصح أنها لا تجوز ا هـ . إذا لم يكن قادرا إلا على القراءة من المصحف فصلى بغير قراءة هل تجوز
ويخالفه ما في النهاية نقلا عن مبسوط شيخ الإسلام وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل يقول في التعليل أجمعنا على أن لأبي حنيفة أنه يجزئه ولو كانت القراءة من المصحف جائزة لما أبيحت الصلاة بغير قراءة ولكن الظاهر أنهما لا يسلمان هذه المسألة وبه قال بعض المشايخ . ا هـ . الرجل إذا كان يمكنه أن يقرأ من المصحف ولا يمكنه أن يقرأ على ظهر قلبه أنه لو صلى بغير قراءة
والظاهر أن ما في الظهيرية متفرع على أن علة الفساد حمله والعمل الكثير فإذا لم يحفظ شيئا على ظهر قلبه يمكنه أن يقرأ من المصحف وهو موضوع فليس أميا لتجوز صلاته بغير قراءة وما ذكره الإمام الفضلي متفرع على الصحيح من أن علة الفساد تلقنه ولو كان موضوعا فحينئذ لا قدرة له على القراءة فكان أميا وبهذا ظهر أن تصحيح الظهيرية مفرع على الضعيف وأطلق في المصلي فشمل الإمام والمنفرد فما في الهداية من تقييده بالإمام اتفاقي كما في غاية البيان ثم اعلم أن التشبيه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء وإنا نأكل ونشرب كما يفعلون إنما الحرام هو التشبه فيما كان مذموما وفيما يقصد به التشبيه كذا ذكره قاضي خان في شرح الجامع الصغير فعلى هذا لو لم يقصد التشبه لا يكره عندهما