الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ومن اشترى ثوبا فقطعه فوجد به عيبا رجع بالعيب ) أي بنقصان العيب القديم لأن القطع عيب حادث ( قوله وإن قبله البائع كذلك فله ذلك ) لأن الامتناع لحقه وقد رضي به وهو تكرار لأن رجوعه وجواز رده برضا بائعه في الثوب من إفراد ما قدمه ولم تظهر فائدة لإفراد الثوب إلا ليترتب عليه مسألة ما إذا خاطه فإنه يمتنع الرد ولو برضاه وكان يمكنه أن يقول أو لا أو رد برضا بائعه إلا عند حدوث زيادة ووطء الجارية كقطع الثوب وفي الظهيرية ووطؤها يمنع الرد بالعيب بكرا كانت أو ثيبا وكان له أن يرجع بالنقصان إلا أن يقول البائع أنا أقبلها كذلك ووطء غير المشتري كذلك يمنع الرد بالعيب سواء كان عن شبهة أو لا عن شبهة غير أن [ ص: 54 ] الوطء إذا كان عن شبهة كان للمشتري أن يرجع بالنقصان وإن قال البائع أنا أقبلها كذلك لمكان العقر الواجب بالوطء عن شبهة وإن كانت الجارية ذات زوج عند البائع فوطئها زوجها عند المشتري إن كانت الجارية بكرا فليس للمشتري أن يردها وإن كانت ثيبا إن نقصها الوطء فكذلك الجواب وإن لم ينقصها كان للمشتري أن يردها هذا إذا وطئها الزوج مرة في يد البائع ثم وطئها عند المشتري فأما إذا لم يطأها عند البائع مرة إنما وطئها عند المشتري لم يذكر محمد هذا الفصل في الأصل واختلف المشايخ فيه والصحيح أنها ترد بالعيب ولو اشترى برذونا فخصاه ثم اطلع على عيب به بعد الخصاء كان له الرد إذا لم ينقصه الخصي كذا في فتاوى أهل سمرقند وكان الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني يفتي بخلافه . ا هـ

                                                                                        [ ص: 53 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 53 ] قوله وفي الظهيرية ووطؤها يمنع الرد إلخ ) مثله في الخانية حيث قال اشترى جارية وقبضها فوطئها أو قبلها بشهوة ثم وجد بها عيبا لا يردها ولكن يرجع بنقصان العيب إلا إذا رضي البائع أن يأخذها ولا يدفع النقصان ا هـ .

                                                                                        وقال في الخلاصة وفي الأصل رجل اشترى جارية ولم يبرأ من عيوبها فوطئها ثم وجد بها عيبا لا يملك ردها سواء كانت بكرا أو ثيبا نقصها الوطء أو لا بخلاف الاستخدام وكذا لو قبلها أو لمسها بشهوة ويرجع بالنقصان إلا أن يقول البائع أنا أقبلها ا هـ .

                                                                                        لكن ذكر في الخانية في أول فصل العيوب ولو اشترى جارية على أنها بكر ثم قال هي ثيب فإن القاضي يريها النساء إن قلن هي بكر كان القول للبائع ولا يمين عليه وإن قلن هي ثيب كان القول للبائع مع يمينه وإن وطئها المشتري فعلم بالوطء فإن زايلها كما علم أنها ليست بكرا بلا لبث وإلا لزمته الجارية هكذا ذكر الشيخ أبو القاسم رحمه الله تعالى .

                                                                                        وعن أبي يوسف أنه يردها بشهادة النساء . ا هـ .

                                                                                        وقد يفرق بين ما إذا وجد بها عيبا بعد الوطء وبين ما إذا علم العيب بالوطء فليتأمل ما وجهه ثم رأيت في القنية ذكر قول أبي القاسم المذكور ثم رمز وقال والوطء يمنع الرد وهو المذهب ا هـ .

                                                                                        ومفاده أن ما قاله أبو القاسم خلاف المذهب لمخالفته لما مر عن الأصل الذي هو من كتب ظاهر الرواية وتعبير الخانية بقوله هكذا ذكر إلخ يشعر بضعفه فقد ثبت أن الوطء ودواعيه يمنع من الرد بالعيب وبه ظهر جواب حادثة الفتوى اشترى جارية رومية للتسري فوطئها فوجدها رتقاء وأخبرت امرأتان بذلك أيضا فإذا حلف البائع على البتات لا يلزمه شيء كما سيأتي وإذا لم يحلف يرجع المشتري [ ص: 54 ] عليه بنقصان هذا العيب هذا ما ظهر والله أعلم




                                                                                        الخدمات العلمية