( قوله ومن قضى ولو أكثر لا ) وهذا استحسان والقياس أن لا قضاء عليه إذا استوعب الإغماء وقت صلاة كاملة لتحقق العجز وجه الاستحسان أن المدة إذا طالت كثرت الفوائت فيحرج في الأداء وإذا قصرت جن أو أغمي عليه خمس صلوات قلت فلا حرج والكثير أن يزيد على يوم وليلة لأنه يدخل في حد التكرار والجنون كالإغماء على الصحيح وفي تحرير الأصول الجنون ينافي شرط العبادات وهي النية فلا تجب مع الممتد منه مطلقا للحرج وما لا يمتد طارئا جعل كالنوم من حيث إنه عارض يمنع فهم الخطاب زال قبل الامتداد ولأنه لا ينفي أصل الوجوب إذ هو بالذمة وهي له حتى ورث وملك وكان أهلا للثواب كأن صح فلا يقضي لو أفاق بعده ا هـ . نوى صوم الغد فجن فيه ممسكا كله
قيد بالجنون والإغماء لأن النوم لا يسقط مطلقا حتى لو نام أكثر من يوم وليلة يقضي لو أفاق بعده ا هـ .
قيد بالجنون وليلة غالبا فلا يحرج في القضاء بخلاف الإغماء لأنه مما يمتد عادة وقيده بدوام الإغماء لأنه إذا كان يفيق فيها فإنه ينظر فإن كان لإفاقته وقت معلوم مثل أن يخف عنه المرض عند الصبح مثلا فيفيق قليلا ثم يعاوده فيغمى عليه تعتبر هذه الإفاقة فيبطل ما قبلها من حكم الإغماء إذا كان أقل من يوم وليلة وإن لم يكن لإفاقته وقت معلوم لكنه يفيق بغتة فيتكلم بكلام الأصحاء ثم يغمى عليه فلا عبرة بهذه الإفاقة أطلق في الإغماء والجنون فشمل ما إذا كان بسبب فزع من سبع أو خوف من عدو فلا يجب القضاء إذا امتد إجماعا لأن الخوف بسبب ضعف قلبه وهو مرض إلا أنه يرد عليه ما إذا اتفاقا لأنه حصل بما هو معصية فلا يوجب التخفيف ولهذا يقع طلاقه ولا يسقط أيضا في الثاني عند زال عقله بالخمر أو أغمي عليه بسبب شرب البنج أو الدواء فإنه لا يسقط عنه القضاء في الأول وإن طال لأن النص ورد في إغماء حصل بآفة سماوية فلا يكون واردا في إغماء حصل بصنع العباد لأن العذر إذا جاء من جهة غير من له الحق لا يسقط الحق أبي حنيفة
وقال يسقط القضاء إذا كثر لأنه إنما حصل بما هو مباح كذا في المحيط وشمل ما إذا كان الجنون أصليا كما إذا بلغ مجنونا وزال وهو قول محمد فالعارض والأصلي عنده سواء في سقوط القضاء إذا كثر وعدمه إذا قل وقال محمد الأصلي كالصبا فلا قضاء مطلقا كذا في السراج الوهاج وقيد بالصلاة في تسوية الجنون بالإغماء لأن بينهما [ ص: 128 ] فرقا في الصوم فإنه إذا أبو يوسف فإنه يلزمه قضاء شهر رمضان فلو أغمي عليه قبل شهر رمضان حتى مضى رمضان كله ثم أفاق لا يلزمه قضاء الصوم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وظاهر كلامه أن الأكثرية من حيث الصلوات فإن الأكثر من خمس صلوات ست فأكثر وهو قول جن قبل رمضان وأفاق بعدما مضى شهر رمضان ورواية عن محمد وهو الأصح وعند أبي حنيفة وهو رواية عنه أيضا العبرة للزيادة من حيث الساعات وفائدته تظهر فيما إذا أغمي عليه قبل الزوال فأفاق من الغد بعد الزوال فعند أبي يوسف لا يجب القضاء وعند أبي يوسف يجب إذا أفاق قبل خروج وقت الظهر والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب . محمد