2959 2960 2961 2962 2963 2964 2965 ص: فإن احتج محتج في إباحة الصدقة عليهم بصدقات رسول الله - عليه السلام - ، فذكر ما حدثنا فهد ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، أن عائشة - رضي الله عنها - أخبرته : "أن فاطمة بنت رسول الله - عليه السلام - أرسلت إلى أبي بكر - رضي الله عنه - تسأله ميراثها من رسول الله - عليه السلام - فيما أفاء الله على رسوله .
وفاطمة حينئذ تطلب صدقة رسول الله بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : إن رسول الله - عليه السلام - قال : إنا لا نورث ، ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإني -والله- لا أغير شيئا من صدقة رسول الله - عليه السلام - عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله - عليه السلام - "ولأعملن في ذلك بما عمل فيها رسول الله - عليه السلام - " .
حدثنا نصر بن مرزوق ، وابن أبي داود ، قالا : ثنا عبد الله بن صالح (ح).
وحدثنا روح بن الفرج ، قال : ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قالا : ثنا الليث ، قال : ثنا عقيل عن ابن شهاب . . . فذكر بإسناده مثله .
حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا حسين بن مهدي ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : ثنا معمر ، عن الزهري قال : أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النضري ، قال : "أرسل إلي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : إنه قد حضر المدينة أهل أبيات من قومك ، وقد أمرنا لهم برضخ ، فاقسمه فيهم ، فبينا أنا كذلك إذ جاءه يرفا ، فقال : هذا عثمان ، وعبد الرحمن ، وسعد ، والزبير ، -ولا أدري أذكر طلحة أم لا- يستأذنوني عليك ، فقال : [ ص: 491 ] ائذن لهم ، قال : ثم مكثنا ساعة ، فقال : هذا العباس وعلي يستأذنان عليك ، قال : ائذن لهما . فلما دخل العباس ، فقال : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الرجل -هما حينئذ فيما أفاء الله على رسوله - عليه السلام - من أموال بني النضير . - فقال القوم : : اقض بينهما يا أمير المؤمنين وأرح كل واحد منهما من صاحبه ، فقال عمر - رضي الله عنه - : أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض ، أتعلمون أن رسول الله - عليه السلام - قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة ؟ قالوا : قد قال ذلك ، ثم قال لهما مثل ذلك ، فقالا : نعم ، قال : فإني سأخبركم عن هذا الفيء : إن الله -عز وجل- قد خص نبيه - عليه السلام - بشيء لم يعطه غيره ، فقال : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب فكانت هذه لرسول الله - عليه السلام - خاصة ، ثم والله ما اختارها دونكم ولا أستأثر بها عليكم ، ولقد قسمها بينكم وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال ، فكان منه ينفق منه على أهله زرق سنة ، ثم يجمع ما بقي منه ، فجمع مال الله -عز وجل- ، فلما قبض رسول الله - عليه السلام - قال أبو بكر ( - رضي الله عنه - : أنا ولي رسول الله - عليه السلام - بعده ، أعمل فيها بما كان رسول الله - عليه السلام - يعمل . . . " ثم ذكر الحديث .
حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا إبراهيم بن بشار ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا عمرو بن دينار ، عن ابن شهاب فذكر مثله بإسناده ، وأثبت أن طلحة كان في القوم ولم يقل : "وبثها فيكم " .
حدثنا يزيد بن سنان وأبو أمية ، قالا : ثنا بشر بن عمر ، قال : ثنا مالك بن أنس ، . . . فذكر بإسناده مثله . وقال : " فكان ينفق منها على أهله " .
حدثنا فهد ، قال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا أبو شهاب ، عن سفيان وورقاء ، عن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - عليه السلام - : " لا يقتسم ورثتي دينارا ، ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤنة عاملي فهو صدقة " . [ ص: 492 ] قالوا : ففي حديث أبي هريرة هذا ما يدل على أنها كانت صدقات في عهد رسول الله - عليه السلام - ; لقوله : "بعد مؤنة عاملي " وعامله لا يكون إلا وهو حي ، قالوا : ففي هذه الآثار ما قد دل على أن الصدقة لبني هاشم حلال ; لأن رسول الله - عليه السلام - وأهله -وفيهم فاطمة بنته- قد كانوا يأكلون من هذه الصدقة في حياة رسول الله - عليه السلام - ، فدل ذلك على إباحة سائر الصدقات لهم ; فالحجة عليهم في ذلك أن تلك الصدقة كصدقات الأوقاف ، وقد رأينا ذلك يحل للأغنياء ، ألا ترى أن رجلا لو أوقف داره على رجل غني أن ذلك جائز ولا يمنعه ذلك غناه ؟ وحكم ذلك خلاف سائر الصدقات من الزكوات والكفارات وما يتقرب به إلى الله -عز وجل- ، فكذلك من كان من بني هاشم ذلك لهم حلال ، وحكمه خلاف سائر الصدقات التي ذكرنا .


