3989 3990 3991 3992 3993 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن هذا الحديث قد اختلف فيه عن هشام بن عروة، فروي عنه على ما ذكرنا، وروي عنه على خلاف ذلك:
حدثنا الربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة قالت: " أمرها رسول الله -عليه السلام- يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة". .
ففي هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام- أمرها بما أمرها به من هذا يوم النحر، فذلك
[ ص: 49 ] على صلاة الصبح في اليوم الذي بعد يوم النحر، وهذا خلاف الحديث الأول، وقد عجل رسول الله -عليه السلام- أيضا من جمع أزواجه غير أم سلمة، وكان مضيهم إلى منى، " ، وبها صلوا صلاة الصبح ولم يتوجهوا حينئذ إلى مكة، . فمما روي في ذلك:
ما حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة: أن سودة بنت زمعة استأذنت رسول الله -عليه السلام- أن تصلي يوم النحر الصبح بمنى، فأذن لها -وكانت امرأة ثبطة، ، فوددت أني استأذنته لما استأذنته". .
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن سالم بن شوال ، أنه سمع أم حبيبة تقول: " كنا نغلس على عهد النبي -عليه السلام- من المزدلفة إلى منى". .
ففي هذا أنهم كانوا يفيضون [بعد طلوع] الفجر، فهذا أبعد لهم مما في الحديث الأول.
وقد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب من حديث أسماء أنها رمت ثم رجعت إلى منزلها فصلت الفجر، فقلت لها: لقد غلسنا، فقالت: رخص رسول الله -عليه السلام- للظعن".
فأخبرت أن ما قد كان رخص رسول الله -عليه السلام- في ذلك للظعن هو الإفاضة من المزدلفة في وقت ما يصيرون إلى منى، " في حال ما لهم أن يصلوا صلاة الصبح، ولما اضطرب حديث هشام بن عروة على ما ذكرنا لم يكن العمل بما رواه حماد بن سلمة أولى مما رواه محمد بن خازم، . وقد ذكر حماد بن سلمة في حديثه أن رسول الله -عليه السلام- إنما أراد بتعجيله أم سلمة إلى حيث عجلها؛ لأنه يومها ليصيب منها في يومها ذلك ما يصيب الرجل من أهله ورسول الله -عليه السلام- في يوم النحر لم يبرح منى " ، ولم يطف طواف الزيارة إلى الليل.
[ ص: 50 ] حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا سفيان الثوري، قال: حدثني محمد بن طارق ، عن طاوس وأبو الزبير ، عن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهم-: " أن رسول الله -عليه السلام- أخر طواف الزيارة إلى الليل".
حدثنا فهد بن سليمان ، قال: ثنا أحمد بن حميد ، قال: ثنا أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت: " أفاض رسول الله -عليه السلام- في آخر يومه". ،
فلما كان رسول الله -عليه السلام- لم يطف طواف الزيارة يوم النحر إلى الليل، . استحال أن يكون به إلى حضور أم سلمة إلى مكة قبل ذلك حاجة؛ لأنه إنما يريدها لأنه في يومها وليصيب منها ما يصيب الرجل من أهله، وذلك لا يحل له منها إلا بعد الطواف، فأشبه الأشياء عندنا -والله أعلم- أن يكون أمرها أن توافي صلاة الصبح بمكة في غد يوم النحر في وقت يكون فيه حلالا بمكة. ،


