4039 ص: ثم رجعنا إلى النظر بين هذين الفريقين وبين أهل المقالة الأولى الذين ذهبوا إلى حديث عكاشة . -رضي الله عنه- فرأينا الرجل قبل أن يحرم حل له النساء والطيب واللباس والصيد والحلق وسائر الأشياء التي تحرم عليه بالإحرام، فإذا أحرم حرم عليه ذلك كله بسبب واحد وهو الإحرام؛ فاحتمل أن يكون كما حرمت عليه بسبب واحد أن يحل منها أيضا بسبب واحد، واحتمل أن يحل منها بأشياء مختلفة إحلالا بعد إحلال؛ فاعتبرنا ذلك، فرأيناهم قد أجمعوا أنه هذا ما لا خلاف فيه بين المسلمين، وأجمعوا أن الجماع حرام عليه على حاله الأولى؛ فثبت أنه حل مما قد كان حرم عليه بسبب واحد بأسباب مختلفة؛ فبطلت بهذا العلة التي ذكرنا، فلما ثبت أن الحلق يحل له إذا رمى، وأنه مباح له بعد حلق رأسه أن يحلق ما يشاء من شعر بدنه ويقص أظفاره؛ أردنا أن ننظر حكم اللباس حكم ذلك أو حكمه حكم الجماع ولا يحل حتى يحل الجماع؟ فاعتبرنا ذلك فرأينا إذا رمى فقد حل له الحلق، بعرفة فسد حجه، ورأيناه إذا المحرم بالحج إذا جامع قبل أن يقف وجبت عليه في ذلك فدية ولم يفسد بذلك حجه، ورأيناه لو حلق شعره أو قص أظفاره بعرفة ، لم يفسد عليه ذلك إحرامه ووجبت عليه في ذلك فدية؛ فكان حكم اللباس قبل لبس ثيابا قبل وقوفه عرفة مثل حكم قص الشعر والأظفار، لا مثل حكم الجماع، فالنظر على ذلك أن يكون حكمه أيضا بعد الرمي والحلق كحكمهما لا [كحكم] الجماع، فهذا هو النظر في ذلك.
[ ص: 111 ]