ذكر خبر ثالث يوهم من لم يطلب العلم من مظانه أنه مضاد للخبرين اللذين تقدم ذكرنا لهما 
 1106  - أخبرنا  أبو خليفة  قال : حدثنا  القعنبي  عن  مالك  عن  أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله  عن  سليمان بن يسار  عن  المقداد بن الأسود  ، أن  علي بن أبي طالب  أمره أن يسأل  [ ص: 390 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه ؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحيي أن أسأله ، قال  المقداد   : فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : إذا وجد أحدكم ذلك ، فلينضح فرجه ، وليتوضأ وضوءه للصلاة   . 
قال  أبو حاتم  رحمه الله : قد يتوهم بعض المستمعين لهذه الأخبار ممن لم يطلب العلم من مظانه ، ولا دار في الحقيقة على أطرافه ، أن بينها تضادا أو تهاترا ، لأن في خبر  أبي عبد الرحمن السلمي   : سألت النبي صلى الله عليه وسلم . وفي خبر إياس بن خليفة  ، أنه أمر  عمارا  أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم . 
وفي خبر  سليمان بن يسار  أنه أمر  المقداد  أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم . وليس بينها تهاتر ، لأنه يحتمل أن يكون  علي بن أبي طالب  أمر  عمارا  أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله ، ثم أمر  المقداد  أن يسأله ، فسأله ، ثم سأل بنفسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والدليل على صحة ما ذكرت أن متن كل خبر يخالف متن الخبر الآخر ، لأن في خبر أبي عبد الرحمن  كنت رجلا مذاء ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إذا رأيت الماء فاغتسل . وفي خبر إياس بن خليفة   : أنه أمر  عمارا  أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يغسل مذاكيره ويتوضأ ، وليس فيه ذكر المني الذي في خبر أبي عبد الرحمن   . وخبر  المقداد بن الأسود  سؤال مستأنف ، فيسأل أنه ليس بالسؤالين الأولين اللذين  [ ص: 391 ] ذكرناهما ، لأن في خبر  المقداد   : أن  علي بن أبي طالب  أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه ؟ فإن عندي ابنته . فذلك ما وصفنا ، على أن هذه أسئلة متباينة ، في مواضع مختلفة ، لعلل موجودة ، من غير أن يكون بينها تضاد أو تهاتر . 
				
						
						
