ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن قوله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ، ما تركنا صدقة ، تفرد به الصديق رضي الله عنه ، وقد فعل 
 6608  - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي  ، بعسقلان  حدثنا  ابن أبي السري  حدثنا  عبد الرزاق  أخبرنا  معمر  عن  الزهري  ، أخبرني  مالك بن أوس بن الحدثان  ، قال : أرسل إلي  عمر بن الخطاب  ، فقال : إنه قد حضر المدينة  أهل أبيات من قومك ، وإنا قد أمرنا لهم برضخ ، فاقسمه بينهم . فقلت : يا أمير المؤمنين مر بذلك غيري ، فقال : اقبض أيها المرء . قال : فبينا أنا كذلك إذ جاءه مولاه يرفأ  ، فقال : هذا  عثمان  ،  وعبد الرحمن بن عوف  ،  وسعد بن أبي وقاص  ،  والزبير بن العوام   . قال : ولا أدري أذكر  طلحة  أم لا ، يستأذنون عليك . قال : ائذن لهم . قال : ثم مكث ساعة ثم جاء ، فقال :  العباس  ،  وعلي  يستأذنان عليك ، فقال : ائذن لهما ، فلما دخل  العباس  قال : يا أمير المؤمنين ، اقض بيني وبين هذا - هما حينئذ يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير   - فقال القوم : اقض بينهما يا أمير المؤمنين ، وأرح كل واحد منهما من صاحبه ، فقد طالت خصومتهما .  [ ص: 576 ] فقال  عمر   : أنشدكما الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض ، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة ، قالوا : قد قال ذاك ، ثم قال لهما مثل ذلك ، فقالا : نعم . قال : فإني أخبركم عن هذا الفيء ، إن الله جل وعلا خص نبيه صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعطه غيره ، فقال : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب  فكانت هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، والله ما حازها دونكم ولا استأثرها عليكم ، لقد قسمها بينكم ، وبثها فيكم  [ ص: 577 ] حتى بقي ما بقي من المال ، فكان ينفق على أهله سنة ، وربما قال  معمر   : يحبس منها قوت أهله سنة ، ثم يجعل ما بقي مجعل مال الله ، فلما قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم قال  أبو بكر   : أنا أولى برسول الله صلى الله عليه وسلم بعده ، أعمل فيها ما كان يعمل . 
ثم أقبل على  علي   والعباس  قال : وأنتما تزعمان أنه كان فيها ظالما فاجرا ، والله يعلم أنه صادق بار تابع للحق ، ثم وليتها بعد  أبي بكر  سنتين من إمارتي ، فعملت فيها بمثل ما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأبو بكر  ، وأنتما تزعمان أني فيها ظالم فاجر ، والله يعلم أني فيها صادق بار تابع للحق ، ثم جئتماني ، جاءني هذا - يعني  العباس   - يبتغي ميراثه من ابن أخيه ، وجاءني هذا - يعني  عليا   - يسألني ميراث امرأته ، فقلت لكما : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا نورث ، ما تركنا صدقة ، ثم بدا لي أن أدفعه إليكما ، فأخذت عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأبو بكر  وأنا ما وليتها ، فقلتما : ادفعها إلينا على ذلك ، تريدان مني قضاء غير هذا ، والذي بإذنه تقوم السماوات والأرض ، لا أقضي بينكما فيها بقضاء غير هذا ، إن كنتما عجزتما عنها ، فادفعاها إلي . 
قال : فغلب  علي  عليها ، فكانت في يد  علي  ، ثم بيد حسن بن علي  ، ثم بيد  حسين بن علي  ، ثم بيد  علي بن حسين  ، ثم بيد  [ ص: 578 ] حسن بن حسن  ، ثم بيد زيد بن حسن  ، قال  معمر   : ثم كانت بيد عبد الله بن الحسن   .  
				
						
						
