[ ص: 62 ] فصل [ صدقة السائمة وإسقاطها عن العوامل ] 
وأما إيجاب الشارع الصدقة في السائمة وإسقاطها عن العوامل  فقد اختلف في هذه المسألة للاختلاف في الحديث الوارد فيها ، وفي الباب حديثان : 
أحدهما : حديث  عمرو بن شعيب  عن أبيه عن جده يرفعه : { ليس في الإبل العوامل صدقة   } رواه  الدارقطني  من حديث غالب بن عبيد الله  عن عمرو    . 
والثاني : حديث  علي بن أبي طالب  مرفوعا : { ليس في البقر العوامل شيء   } رواه أبو داود    . 
ثنا النفيلي  ثنا زهير  ثنا  أبو إسحاق  عن عاصم بن ضمرة  وعن الحارث  عن  علي  ، قال زهير    : أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم : { ليس على العوامل شيء   } قال أبو داود    : وروى حديث النفيلي   شعبة  وسفيان  وغيرهما عن  أبي إسحاق  عن عاصم بن ضمرة  عن  علي  لم يرفعوه ، ورواه  نعيم بن حماد    : ثنا  أبو بكر بن عياش  عن  أبي إسحاق  عن عاصم بن ضمرة  عن  علي  موقوفا : { ليس في الإبل العوامل ، ولا في البقر العوامل صدقة   } . ورواه  الدارقطني  من حديث صقر بن حبيب    : سمعت أبا رجاء  عن  ابن عباس  عن  علي  موقوفا ، قال  ابن حبان    : ليس هو من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يعرف بإسناد منقطع نقله الصقر  عن أبي رجاء  ، وهو يأتي بالمقلوبات ، وروي من حديث  جابر   وابن عباس  مرفوعا وموقوفا ، والموقوف أشبه . 
وبعد فللعلماء في المسألة قولان : فقال  مالك  في الموطإ : النواضح والبقر السواني وبقر الحرث أني أرى أن يؤخذ من ذلك كله الزكاة إذا وجبت فيه الصدقة ، قال  ابن عبد البر    : وهذا قول  الليث بن سعد  ، ولا أعلم أحدا قال به من فقهاء الأمصار غيرهما . 
وقال  الثوري   وأبو حنيفة  وأصحابه  والشافعي  وأصحابه والأوزاعي   وأبو ثور   وأحمد   وأبو عبيد  وإسحاق   وداود    : لا زكاة في البقر العوامل ، ولا الإبل العوامل ، وإنما الزكاة في السائمة منها ، وروي قولهم ذلك عن طائفة من الصحابة منهم  علي   وجابر   ومعاذ بن جبل    . 
وكتب  عمر بن عبد العزيز  أنه ليس في البقر العوامل صدقة ، وحجة هؤلاء مع الأثر النظر ; فإن ما كان من المال معدا لنفع صاحبه به كثياب بذلته وعبيد خدمته وداره التي يسكنها ودابته التي يركبها وكتبه التي ينتفع بها وينفع غيره ; فليس فيها زكاة ; ولهذا لم يكن في حلي المرأة التي تلبسه وتعيره زكاة  ، فطرد هذا أنه لا زكاة في بقر حرثه وإبله التي يعمل فيها بالدولاب وغيره    ; فهذا محض القياس ، كما أنه موجب النصوص ; والفرق بينها وبين السائمة ظاهر ; فإن هذه مصروفة عن جهة النماء إلى العمل ; فهي كالثياب والعبيد والدار والله تعالى أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					