قال ما يحصل به الإكراه الرافعي : الذي مال إليه المعتبرون : أن الإكراه على القتل لا يحصل إلا بالتخويف بالقتل ، أو ما يخاف منه القتل . ، وأما غيره ، ففيه سبعة أوجه :
أحدها : لا يحصل إلا بالقتل .
الثاني : القتل ، أو القطع ، أو ضرب يخاف منه الهلاك .
[ ص: 209 ] الثالث : ما يسلب الاختيار ، ويجعله كالهارب من الأسد الذي يتخطى الشوك والنار ولا يبالي ، فيخرج عنه الحبس .
الرابع : اشتراط عقوبة بدنية ، يتعلق بها قود .
الخامس : اشتراط عقوبة شديدة تتعلق ببدنه ، كالحبس الطويل .
السادس : أنه يحصل بما ذكر وبأخذ المال ، أو إتلافه ، والاستخفاف بالأماثل ، وإهانتهم ، كالصفع بالملأ ، وتسويد الوجه . وهذا اختيار جمهور العراقيين ، وصححه الرافعي .
السابع : وهو اختيار النووي في الروضة - : أنه يحصل بكل ما يؤثر العاقل الإقدام عليه ، حذرا ما هدد به وذاك يختلف باختلاف الأشخاص ، والأفعال المطلوبة ، والأمور المخوف بها فقد يكون الشيء إكراها في شيء دون غيره ، وفي حق شخص دون آخر .
فالإكراه على الطلاق يكون بالتخويف بالقتل ، والقطع ، والحبس الطويل والضرب الكثير والمتوسط لمن لا يحتمله بدنه ولم يعتده ، وبتخويف ذي المروءة بالصفع في الملإ وتسويد الوجه ، ونحوه ، وكذا بقتل الوالد وإن علا والولد ، وإن سفل على الصحيح . لا سائر المحارم . وإتلاف المال على الأصح .
وإن كان الإكراه على القتل ، فالتخويف بالحبس ، وقتل الولد ليس إكراها .
وإن كان على إتلاف مال فالتخويف بجميع ذلك إكراه .
قال النووي : وهذا الوجه أصح لكن في بعض تفصيله المذكور نظر ، والتهديد بالنفي عن البلد إكراه على الأصح ; لأن مفارقة الوطن شديدة ، ولهذا جعلت عقوبة للزاني .
وكذا تهديد المرأة بالزنا ، والرجل باللواط ، ولا بد في كل ذلك من أمور :
أحدها : قدرة المكره على تحقيق ما هدد به بولاية ، أو تغلب ، أو فرط هجوم .
ثانيها : عجز المكره عن دفعه بهرب ، أو استغاثة ، أو مقاومة .
ثالثها : ظنه أنه إن امتنع عما أكره عليه أوقع به المتوعد .
رابعها : كون المتوعد مما يحرم تعاطيه على المكره .
فلو قال ولي القصاص للجاني : طلق امرأتك ، وإلا اقتصصت منك . لم يكن إكراها .
خامسها : أن يكون عاجلا . فلو قال : طلقها وإلا قتلتك غدا ، فليس بإكراه .
[ ص: 210 ] سادسها : أن يكون معينا . فلو قال : اقتل زيدا ، أو عمرا ، فليس بإكراه .
سابعها : أن يحصل بفعل المكره عليه التخلص من المتوعد به .
فلو قال : اقتل نفسك ; وإلا قتلتك ، فليس بإكراه .
ولا يحصل الإكراه بقوله : وإلا قتلت نفسي ، أو كفرت ، أو أبطلت صومي ، أو صلاتي .
. ويشترط في الإكراه على كلمة الكفر طمأنينة القلب بالإيمان
فلو نطق معتقدا بها كفر ، ولو نطق غافلا عن الكفر والإيمان ففي ردته وجهان في الحاوي . قال في المطلب : والآية تدل على أنه مرتد .
قال الماوردي : والأحوال الثلاثة يأتي مثلها في الطلاق ، ولا يشترط في الطلاق التورية ، بأن ينوي غيرها على الأصح .
وفي شرح المهذب : نص على أن الشافعي يجب أن يتقيأ إذا قدر . من أكره على شرب الخمر ، أو أكل محرم