ذكر صور صحت فيها النية مع تردد أو تعليق اشتبه عليه ماء وماء ورد    : لا يجتهد ، بل يتوضأ بكل مرة ، ويغتفر التردد في النية للضرورة . قال الإسنوي    : ويندفع التردد بأن يأخذ غرفة من هذا وغرفة من هذا ، ويغسل شقي وجهه وينوي حينئذ ، ثم يعكس المأخوذ والمغسول . 
عليه صلاة من الخمس فنسيها فصلى الخمس ; ثم تذكرها  قال في شرح المهذب : لم أر فيه نقلا ويحتمل أن يكون على الوجهين فيمن تيقن الطهارة وشك في الحدث ، ويحتمل أن يقطع بأن لا تجب الإعادة ; لأنا أوجبناها عليه ، ففعلها بنية الواجب ، ولا نوجبها ثانيا ، بخلاف مسألة الوضوء ، فإنه تبرع به ، ولا يسقط به الفرض قال : وهذا الاحتمال أظهر . 
قلت : صرح بالثاني في البحر . ونظيره : من صلى منفردا ، ثم أعاد مع جماعة ، ونوى الفرضية ، كما هو المشهور ثم بان فساد الأولى  ، فإن الثانية تجزيه ، ولا يلزم الإعادة ، صرح به الغزالي  في فتاويه . عليه صوم واجب ، لا يدري هل هو من رمضان أو نذر ، أو كفارة ، فنوى صوما واجبا  ، أجزأه ، كمن نسي صلاة من الخمس ، ويعذر في عدم جزم النية للضرورة ، نقله في شرح المهذب عن  الصيمري  ، وصاحب البيان ; وأقرها . 
وأما التعليق ففيه صور : منها الحج ، بأن يقول مريد الإحرام : إن كان زيد محرما فقد أحرمت  ، فإن كان زيد محرما انعقد إحرامه ، وإلا فلا ، ولو علقه بمستقبل ، كقوله : إذا أحرم زيد ، أو جاء رأس الشهر فقد أحرمت  فالذي نقله البغوي  وآخرون : أنه لا يصح . 
وذكر ابن القطان  والدارمي  والشاشي  فيه وجهين : أصحهما ، لا ينعقد ، قال الرافعي  وقياس تجويز تعليق أصل الإحرام بإحرام الغير تجويز هذا ، لأن التعليق موجود في الحالين ، إلا أن هذا تعليق بمستقبل وذاك تعليق بحاضر ; وما يقبل التعليق من العقود يقبلهما جميعا . 
 [ ص: 42 ] قلت    : ويؤيد ما ذكره  القاضي أبو حامد    : أنه لو قال في إحرامه : إن شاء الله . انعقد سواء قصد التعليق أم لا فقيل له : أليس لو قال لعبده : أنت حر إن شاء الله ، صح استثناؤه فيه ؟ فقال : الفرق أن الاستثناء يؤثر في النطق ، ولا يؤثر في النيات ، والعتق ينعقد بالنطق ، فلذلك أثر الاستثناء فيه ، والإحرام ينعقد بالنية ، فلم يؤثر الاستثناء فيه فقيل له : أليس لو قال لزوجته : أنت خلية إن شاء الله ، ونوى الطلاق أثر الاستثناء فيه ؟ فقال : الفرق أن الكناية مع النية في الطلاق كالصريح فلهذا صح الاستثناء . 
قال في شرح المهذب : والصواب أن الحكم فيه كسائر العبادات ، إن نوى التبرك ، انعقد وإلا فلا . 
ومن صور التعليق في الحج : لو أحرم يوم الثلاثين من رمضان ، وهو شاك ، فقال إن كان من رمضان فإحرامي بعمرة ، أو من شوال فحج فكان شوالا  ، كان حجا صحيحا ، نقله في شرح المهذب عن الدارمي  ، وأقره . 
ونظيره في الطهارة : إن شك في الحدث ، فنوى الوضوء إن كان محدثا ، وإلا فتجديد  صح ، نقله في شرح المهذب عن البغوي  ، وأقره ، أو ينوي بوضوئه القراءة إن صح الوضوء لها ، وإلا فالصلاة . صح ، نقله في شرح المهذب عن البحر . 
وفي الصلاة : شك في قصر إمامه ، فقال : إن قصر قصرت ، وإلا أتممت  ، فبان قاصرا قصر ، جزم به الأصحاب . 
اختلط مسلمون بكفار ، أو شهداء بغيرهم    : صلى على كل واحد بنية الصلاة عليه ، إن كان مسلما أو غير شهيد . 
عليه فائتة ، وشك في أدائها فقال : أصلي عنها إن كانت ، وإلا فنافلة ، فبانت :  أجزأه . نقله في شرح المهذب عن الدارمي    . قال : بخلاف ما لو شك في دخول وقت الصلاة ، فنوى إن كانت دخلت فعنها وإلا فنافلة أو فائتة  فإنه لا يجزيه بالاتفاق ، وبخلاف ما لو قال : فائتة أو نافلة للترديد . 
وفي الزكاة : نوى زكاة ماله الغائب ، إن كان باقيا ، وإلا فعن الحاضر ، فبان باقيا  أجزأه عنه ، أو تالفا أجزأه عن الحاضر . 
قال : إن كان سالما فعنه ، وإلا فتطوع ، فبان سالما : أجزأه بالاتفاق . وفي الصوم : نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد إن كان من رمضان فهو فرض ، وإن لم يكن فتطوع  صحح السبكي  والإسنوي    : أنه يصح ويجزيه ، ولا يضر هذا التعليق . قلت    : وهو المختار ، والمرجح في أصل الروضة خلافه . 
وفي الجمعة : أحرم بالصلاة في آخر وقتها ، فقال : إن كان الوقت باقيا فجمعة ، وإلا فظهر ، فبان بقاؤه  ، ففي صحة الجمعة وجهان في شرح المهذب ، بلا ترجيح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					