المطلب الثاني: حكم الإيصاء بالنسبة للوصي
إذا أوصى إليه أحد جاز له قبول الوصية، إذا كانت له قدرة على القيام بما أوصي إليه فيه، ووثق من نفسه أداءه على الوجه المطلوب; لأن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- كان بعضهم يوصي إلى بعض، فيقبلون الوصية.
(264) فقد روى ابن أبي شيبة: حدثنا أزهر، عن عون، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- «كان وصيا لرجل».
(265) وروى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام أن عبد الله بن مسعود، وعثمان، والمقداد بن الأسود، وعبد الرحمن بن عوف، ومطيع بن الأسود أوصوا إلى الزبير بن العوام، قال: «وأوصى إلى عبد الله بن الزبير».
[ ص: 16 ] (266) وروى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن قيس قال: «كان أبو عبيدة عبر الفرات فأوصى إلى عمر بن الخطاب».
(267) وروى البيهقي من طريق عامر بن عبد الله بن الزبير قال: أوصى عبد الله بن مسعود فكتب... «إن وصيتي إلى الله، وإلى الزبير بن العوام، وإلى ابنه عبد الله بن الزبير».
وقياس مذهب أحمد أن ترك الدخول في الوصية أولى; لما فيه من الخطر، وهو لا يعدل بالسلامة شيئا، ولذلك كان يرى ترك الالتقاط، وترك الإحرام من قبل الميقات أفضل؛ تحريا للسلامة، واجتنابا للخطر، ويدل على ذلك:
(268) ما رواه مسلم من طريق أبي سالم الجيشاني، عن أبيه، عن أبي ذر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، فلا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم».
وفي رد المحتار: أنه لا ينبغي للوصي أن يقبل الوصاية; لأنها على [ ص: 17 ] خطر، وعن أبي يوسف: الدخول فيها أول مرة غلط، والثانية خيانة، وعن غيره: الثالثة سرقة.
وعن الحسن: لا يقدر الوصي أن يعدل ولو كان عمر بن الخطاب.
وقال أبو مطيع: ما رأيت في مدة قضائي عشرين سنة من يعدل في مال ابن أخيه.
* * *


