المسألة الثانية: زيادة الأجرة أثناء المدة: 
إذا طرأت زيادة في إجارة العين الموقوفة، فهل يملك الناظر الفسخ أو لا؟  
للعلماء في ذلك أقوال: 
القول الأول: أن إجارة الوقف لا تفسخ، ويبقى العقد على المسمى. 
وبه قال: المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره شيخ الإسلام. 
وحجته: 
1 - أدلة وجوب الوفاء بالعقود. 
2 - أن الإجارة عقد لازم من الطرفين فلا يجوز فسخها بغير سبب موجب،  وإذا أوجبنا الزيادة على المستأجر فيجب أن نبيح له النقص، إذا نقص أجر المثل عن المسمى. 
3 - أن العقد وقع بالغبطة في وقته، فأشبه ارتفاع القيمة، أو الأجرة بعد بيع، أو إجارة مال المحجور. 
القول الثاني: أن زيادة أجرة المثل، أو ظهور راغب بها بزيادة عذر يفسخ به عقد الإجارة إلا إن رضي المستأجر بدفع الزيادة.  
وهذا المفتى به عند الحنفية، ووجه عند الشافعية، ووجه عند الحنابلة. 
 [ ص: 390 ] لكن اشترط الحنفية للفسخ شروطا:  
الشرط الأول: أن يكون المؤجر الناظر بحكم الولاية لا الموقوف عليه، وهذا اشترطه أيضا الشافعية، والحنابلة. 
الشرط الثاني: أن تكون الزيادة فاحشة غير يسيرة. 
وهذا أيضا شرط عند الجميع - وتقدم تفسير الفاحش قريبا - . 
وقدر بعض الشافعية والحنابلة: الزيادة بالثلث. 
الشرط الثالث: أن تكون الزيادة في عامة أمثال الوقف لا بسبب ما أحدثه المستأجر فيه من العمارة. 
الشرط الرابع: أن تكون الزيادة حقيقية بمعنى أن لا يكون طالب الزيادة مريدا الإضرار بالمستأجر. 
الشرط الخامس: أن يمكن الفسخ بأن لا يكون للمستأجر في الأرض زرع لم يحصد، بل يترك إلى الحصاد بأجرة المثل، وما قبله فبالمسمى. 
الشرط السادس: أن يتحقق من الزيادة بأن يكثر الطالب بها، وإلا لم يعتبر جزما. 
وحجته: أنه بزيادة أجرة المثل تبين أن العقد الأول وقع بخلاف الغبطة، وفي ذلك ضرر على الوقف فيجب فسخه. 
القول الثالث: التفصيل فإن كانت الإجارة سنة فما دونها لم يتأثر العقد، وإن كانت أكثر تأثر بها. 
وهذا وجه عند الشافعية. 
الترجيح: 
الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم بعدم انفساخ الإجارة بزيادة  [ ص: 391 ] الأجرة; لأن العقد قد تم بشروطه، ولأن الأوقاف يلحقها ضرر من جهة أن الناس يعرضون عن استئجارها إذا علموا بجواز الفسخ عند زيادة الأجرة. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					