المطلب الثالث عشر 
هلاك العين الموصى بمنفعتها  
هذا لا يخلو من أحوال: 
الحال الأولى: هلاك العين الموصى بها على وجه لا يمكن استرجاعها. 
إذا هلكت العين الموصى بمنفعتها على وجه لا يمكن معه استرجاعها كسيارة احترقت بلا جناية أحد بطلت الوصية. 
الحال الثانية: هلاك العين الموصى بمنفعتها على وجه يمكن استرجاعها كالبيت التي انهدمت، فللعلماء في ذلك قولان: 
القول الأول: تبطل الوصية، فإذا أعيد بناؤها بأنقاضها عادت، وإن أعيدت بغير أنقاضها، فاحتمالان: 
الأول: بطلانها. 
الثاني: عودها بنسبة أنقاضها، فتقسم غلتها بين الموصى له والورثة، وبه قال الشافعية   . 
القول الثاني: أنه يقال للموصى له ابن واستغل، وبه قال الحنفية   . 
 [ ص: 124 ] وإن كان الهلاك باعتداء على العين، فللعلماء قولان: 
القول الأول: يشتري بالقيمة مثل العين وينتفع بها الموصى له كالأولى. 
وبه قال جمهور أهل العلم. 
قال القرافي:  « وإن هدمها - أي: الأرض الموصى بمنفعتها - أحد غرم ذلك وبنيت له، والوصية على حالها ، وكذلك لو قطع نخل الحائط » . 
وحجته: 
1 - أن البدل له حكم المبدل. 
فكل حق تعلق بعين تعلق ببدلها إذا لم يبطل سببه. 
2 - أن الأصل بقاء حقه. 
القول الثاني: بطلان الوصية، واستحقاق الورثة القيمة. 
وهو المعتمد عند المالكية  ، وقول للحنابلة.  
وحجته: 
1 - أن القيمة الواجبة في هلاك العين هي بدل عن رقبة العين المعتدى عليها فتكون للورثة; إذ هي ملكهم. 
ونوقش: بالتسليم، لكنها بدل، والبدل له حكم المبدل. 
2 - القياس على الإجارة، فإنها تبطل بهلاك العين المستأجرة. 
ونوقش: بوجود الفرق بين العين الموصى بمنفعتها، والعين المؤجرة، كما تقدم قريبا. 
الترجيح: 
يترجح - والله أعلم - القول الأول; لقوة دليله. 
 [ ص: 125 ] الحال الثالثة: إذا لم تهلك العين، وإنما تعطلت، كسيارة خربت، فإن الموصى له يخير بين إصلاحها، والانتفاع بها ، أو ردها على الورثة، وسقوط حقه في الوصية، قياسا على العبد الجاني يخير سيده في فدائه، أو تسليمه لولي الجناية. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					