الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم (الإيلاء) : الحلف، (والتربص) : الانتظار، و(الفيء) : الرجوع إلى الوطء.

                                                                                                                                                                                                                                      و(الإيلاء) عند مالك، والشافعي، وغيرهما: أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر، وعند أبي حنيفة، وأصحابه، وغيرهم: أربعة أشهر فصاعدا.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : ولا يكون موليا حتى يحلف ألا يمسها أبدا.

                                                                                                                                                                                                                                      النخعي، وقتادة، وغيرهما: إن حلف على قليل من الأوقات أو كثير، فتركها حتى تمضي أربعة أشهر; فهو مول، وكل يمين منعت من الجماع; فهو بها مول، وقد بسطت القول في مسائل الإيلاء في «الكبير» .

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب مالك، والشافعي، وكثير من العلماء: أنه لا يلزمه الطلاق بذهاب [ ص: 515 ] الأجل حتى يوقف، فإما فاء، وإما طلق.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب أبي حنيفة، وأصحابه، وجماعة من الصحابة والتابعين: إذا مضت أربعة أشهر من وقت الإيلاء; فهي طلقة بائنة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب ابن المسيب، والزهري، وغيرهما: إنما تكون بمضي الأجل طلقة يملك فيها الرجعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وإيلاء العبد عند مالك وأكثر العلماء شهران، وإيلاؤه عند الشافعي، وابن حنبل، وغيرهما، كإيلاء الحر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء أكثر العلماء على أن هذا عموم يراد به الخصوص، وخص الله تعالى من المطلقات اللواتي عمهن في هذه الآية من لم يدخل بها، ومن لم تحض، واليائسة من المحيض، والحامل، فلم يجعل على غير المدخول بها عدة.

                                                                                                                                                                                                                                      وجعل عدة الآيسة، ومن لم تحض، والحامل، على ما ذكره في مواضعه، وبقيت عدة من سواهن بالأقراء.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 516 ] وروي عن ابن عباس، وقتادة : أنه نسخ، وأن هذه الآية نسخ منها من ذكرناه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب مالك، والشافعي، وغيرهما: أن الأقراء هي الأطهار.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب الأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة، وإسحاق، وغيرهم: أنها الحيض.

                                                                                                                                                                                                                                      وهي في اللغة تحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أن يكون القرء وقتا للفعل الذي يخرج على عادته، ومنه: (أقرأت الريح) ؛ أي: هبت لوقتها، وذلك معنى ما حكاه أبو عمرو، قال: منهم من يسمي الحيض قرءا، والطهر قرءا، ومنهم من يجمعهما جميعا فيسميهما بذلك، فهو يكون: إما وقت اجتماع الدم على العادة المعروفة، أو وقت ارتفاعه على عادته المعهودة.

                                                                                                                                                                                                                                      والوجه الثاني: أن يكون معناه: الاجتماع، فـ (الحيض) : اجتماع الدم في [ ص: 517 ] الرحم، و (الطهر) : اجتماعه في سائر البدن، ومنه سمي القرآن، والمقراة، وقالوا: (ما قرأت الناقة سلا قط) أي: لم يجتمع رحمها على ولد، ومنه: (أقرأت النجوم) ؛ إذا اجتمعت في الأفول، وقد قال أبو عبيدة : إن معنى (أقرأت النجوم) : غابت، فكذلك الدم يغيب في أيام الطهر، ويظهر في أيام الحيض.

                                                                                                                                                                                                                                      فاللغة على ما ذكرناه محتملة للمذهبين المتقدمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وعدة الأمة في قول مالك، والشافعي، وسائر العلماء: حيضتان، وقد قال ابن سيرين : ما أرى عدتها إلا كعدة الحرة، إلا أن تكون مضت في ذلك سنة، فالسنة أحق أن تتبع.

                                                                                                                                                                                                                                      وعدة الأمة التي لم تحض، والمرتفعة عند مالك، والنخعي، وغيرهما: ثلاثة أشهر، وعند الشافعي، وأبي حنيفة، وأصحابه: شهر ونصف، وعند ابن حنبل، وإسحاق، وغيرهما: شهران.

                                                                                                                                                                                                                                      وعدة الحامل : وضع حملها.

                                                                                                                                                                                                                                      وعدة المستحاضة عند مالك، وابن المسيب : سنة، وعن عكرمة، وقتادة : ثلاثة أشهر، وعن النخعي، والثوري : تعتد بالأقراء، وكذلك قال ابن حنبل، وإسحاق : إن كانت أقرؤها مستقيمة، وإلا فسنة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية