[ ص: 128 ] الفصل الرابع حد السرقة
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=10244السارق فيجب قطع يده اليمنى بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم }
nindex.php?page=treesubj&link=10204_10222_20048ولا يجوز بعد ثبوت الحد بالبينة ، أو الإقرار ، تأخيره ، ولا مال يفتدى به ولا غيره ، بل تقطع يده في الأوقات المعظمة وغيرها ، فإن إقامة الحد من العبادات ، كالجهاد في سبيل الله فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده فيكون الوالي شديدا في إقامة الحد ، لا تأخذه رأفة في دين الله فيعطله ، ويكون قصده رحمة الخلق ، بكف الناس عن المنكرات ; لإشفاء غيظه ، وإرادة العلو على الخلق ، به بمنزلة الوالد إذا أدب ولده ، فإنه لو كف عن تأديب ولده ، كما تشير به الأم رقة ورأفة لفسد الولد ، وإنما يؤدبه رحمة به وإصلاحا لحاله ، مع أنه يود ويؤثر أن لا يحوجه إلى تأديب ، وبمنزلة الطبيب الذي يسقي المريض الدواء الكريه ، وبمنزلة قطع العضو المتآكل والحجم ، وقطع العروق بالفصاد ونحو ذلك ، بل بمنزلة شرب الإنسان الدواء الكريه ، وما يدخله على نفسه من المشقة لينال به الراحة .
[ ص: 129 ] فهكذا شرعت الحدود وهكذا
nindex.php?page=treesubj&link=7681_7686ينبغي أن تكون نية الوالي في إقامتها متى كان قصده صلاح الرعية والنهي عن المنكرات بجلب المنفعة لهم ، ودفع المضرة عنهم ، وابتغى بذلك وجه الله تعالى ، وطاعة أمره ألان الله له القلوب ، وتيسرت له أسباب الخير ، وكفاه العقوبة البشرية ، وقد يرضي المحدود ، إذا أقام عليه الحد .
وأما إذا كان غرضه العلو عليهم ، وإقامة رياسته ; ليعظموه أو ليبذلوا له ما يريد من الأموال ، انعكس عليه مقصوده ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قبل أن يلي الخلافة ، كان نائبا
nindex.php?page=showalam&ids=15490للوليد بن عبد الملك على
مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ساسهم سياسة صالحة ، فقدم
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج من
العراق وقد سامهم سوء العذاب ، فسأل أهل
المدينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كيف هيبته فيكم ؟ قالوا : ما نستطيع أن ننظر إليه . قال : كيف محبتكم له ؟ قالوا : هو أحب إلينا من أهلنا قال : فكيف أدبه فيكم ؟ قالوا : ما بين الثلاثة الأسواط إلى العشرة قال : هذه هيبته ، وهذه محبته ، وهذا أدبه ، هذا أمر من السماء .
nindex.php?page=treesubj&link=10273_10274وإذا قطعت يده حسمت واستحب أن تعلق في عنقه .
[ ص: 128 ] الْفَصْلُ الرَّابِعُ حَدُّ السَّرِقَةِ
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=10244السَّارِقُ فَيَجِبُ قَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
nindex.php?page=treesubj&link=10204_10222_20048وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَدِّ بِالْبَيِّنَةِ ، أَوْ الْإِقْرَارِ ، تَأْخِيرُهُ ، وَلَا مَالٌ يُفْتَدَى بِهِ وَلَا غَيْرُهُ ، بَلْ تُقْطَعُ يَدُهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُعَظَّمَةِ وَغَيْرِهَا ، فَإِنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ الْعِبَادَاتِ ، كَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ بِعِبَادِهِ فَيَكُونُ الْوَالِي شَدِيدًا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ ، لَا تَأْخُذُهُ رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ فَيُعَطِّلُهُ ، وَيَكُونُ قَصْدُهُ رَحْمَةَ الْخَلْقِ ، بِكَفِّ النَّاسِ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ ; لِإِشْفَاءِ غَيْظِهِ ، وَإِرَادَةِ الْعُلُوِّ عَلَى الْخَلْقِ ، بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ إذَا أَدَّبَ وَلَدَهُ ، فَإِنَّهُ لَوْ كَفَّ عَنْ تَأْدِيبِ وَلَدِهِ ، كَمَا تُشِيرُ بِهِ الْأُمُّ رِقَّةً وَرَأْفَةً لَفَسَدَ الْوَلَدُ ، وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُهُ رَحْمَةً بِهِ وَإِصْلَاحًا لِحَالِهِ ، مَعَ أَنَّهُ يَوَدُّ وَيُؤْثِرُ أَنْ لَا يُحْوِجَهُ إلَى تَأْدِيبٍ ، وَبِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ الَّذِي يَسْقِي الْمَرِيضَ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ ، وَبِمَنْزِلَةِ قَطْعِ الْعُضْوِ الْمُتَآكِلِ وَالْحَجْمِ ، وَقَطْعِ الْعُرُوقِ بِالْفِصَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، بَلْ بِمَنْزِلَةِ شُرْبِ الْإِنْسَانِ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ ، وَمَا يُدْخِلُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ لِيَنَالَ بِهِ الرَّاحَةَ .
[ ص: 129 ] فَهَكَذَا شُرِعَتْ الْحُدُودُ وَهَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7681_7686يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الْوَالِي فِي إقَامَتِهَا مَتَى كَانَ قَصْدُهُ صَلَاحَ الرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ بِجَلْبِ الْمَنْفَعَةِ لَهُمْ ، وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْهُمْ ، وَابْتَغَى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَطَاعَةَ أَمْرِهِ أَلَانَ اللَّهُ لَهُ الْقُلُوبَ ، وَتَيَسَّرَتْ لَهُ أَسْبَابُ الْخَيْرِ ، وَكَفَاهُ الْعُقُوبَةَ الْبَشَرِيَّةَ ، وَقَدْ يُرْضِي الْمَحْدُودَ ، إذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ .
وَأَمَّا إذَا كَانَ غَرَضُهُ الْعُلُوَّ عَلَيْهِمْ ، وَإِقَامَةَ رِيَاسَتِهِ ; لِيُعَظِّمُوهُ أَوْ لِيَبْذُلُوا لَهُ مَا يُرِيدُ مِنْ الْأَمْوَالِ ، انْعَكَسَ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ وَيُرْوَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْخِلَافَةَ ، كَانَ نَائِبًا
nindex.php?page=showalam&ids=15490لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى
مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَدْ سَاسَهُمْ سِيَاسَةً صَالِحَةً ، فَقَدِمَ
nindex.php?page=showalam&ids=14078الْحَجَّاجُ مِنْ
الْعِرَاقِ وَقَدْ سَامَهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، فَسَأَلَ أَهْلَ
الْمَدِينَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ كَيْفَ هَيْبَتُهُ فِيكُمْ ؟ قَالُوا : مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَنْظُرَ إلَيْهِ . قَالَ : كَيْفَ مَحَبَّتُكُمْ لَهُ ؟ قَالُوا : هُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ أَهْلِنَا قَالَ : فَكَيْفَ أَدَبُهُ فِيكُمْ ؟ قَالُوا : مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْأَسْوَاطِ إلَى الْعَشَرَةِ قَالَ : هَذِهِ هَيْبَتُهُ ، وَهَذِهِ مَحَبَّتُهُ ، وَهَذَا أَدَبُهُ ، هَذَا أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ .
nindex.php?page=treesubj&link=10273_10274وَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ حُسِمَتْ وَاسْتُحِبَّ أَنْ تُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ .