ومتى اهتمت الولاة بإصلاح دين الناس ، صلح للطائفتين دينهم ودنياهم ، وإلا اضطربت الأمور عليهم .
وملاك ذلك كله حسن النية للرعية ، وإخلاص الدين كله لله ، والتوكل عليه ، فإن الإخلاص والتوكل جماع صلاح الخاصة والعامة ، كما أمرنا أن نقول في صلاتنا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين } فإن هاتين الكلمتين قد قيل : إنهما يجمعان معاني الكتب المنزلة من السماء .
وقد روي {
أن النبي ، كان مرة في بعض مغازيه ، فقال : يا مالك يوم الدين ، إياك نعبد ، وإياك نستعين فجعلت الرءوس تندر عن كواهلها }
وقد ذكر ذلك في غير موضع من كتابه كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=123فاعبده وتوكل عليه } وقوله تعالى
[ ص: 175 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=88عليه توكلت وإليه أنيب } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41963وكان النبي صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح أضحيته - يقول : اللهم منك ولك }
nindex.php?page=treesubj&link=19649_19698_19572_2649_24589وأعظم عون لولي الأمر خاصة ولغيره عامة ثلاثة أمور أحدها : الإخلاص لله ، والتوكل عليه بالدعاء وغيره ، وأصل ذلك المحافظة على الصلوات بالقلب والبدن .
والثاني : الإحسان إلى الخلق ، بالنفع والمال الذي هو الزكاة .
الثالث : الصبر على أذى الخلق وغيره من النوائب .
ولهذا جمع الله بين الصلاة والصبر ، كقوله تعالى في موضعين : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45واستعينوا بالصبر والصلاة } وكقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وأقم الصلاة طرفي النهار ، وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } .
: وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=130فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } .
وكذلك في سورة ق : {
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } .
[ ص: 176 ] وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } ، وأما قرانه بين الصلاة والزكاة في القرآن فكثير جدا .
فبالقيام بالصلاة والزكاة والصبر ، يصلح حال الراعي والرعية ، إذا عرف الإنسان ما يدخل في هذه الأسماء الجامعة ، يدخل في الصلاة من ذكر الله - تعالى دعاؤه ، وتلاوة كتابه ، وإخلاص الدين له ، والتوكل عليه .
وفي الزكاة بالإحسان إلى الخلق بالمال والنفع ، ومن نصر المظلوم ، وإغاثة الملهوف ، وقضاء حاجة المحتاج .
ففي الصحيحين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28826كل معروف صدقة } ، فيدخل فيه كل إحسان ، ولو ببسط الوجه والكلمة الطيبة .
ففي الصحيحين : عن
عدي بن حاتم رضي الله عنه قال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25512ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ، ليس بينه وبينه حاجب ، ولا ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا شيئا قدمه ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئا قدمه ، فينظر أمامه ، فتستقبله النار ، [ ص: 177 ] فمن استطاع منكم أن يتقي النار ، ولو بشق تمرة فليفعل ، فإن لم يجد فبكلمة طيبة } .
وفي السنن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30083لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي } وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22417إن أثقل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن } .
وروي عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7856صلى الله عليه وسلم أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=54لأم سلمة [ ص: 178 ] يا nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة }
وفي الصبر احتمال الأذى ، وكظم الغيظ ، والعفو عن الناس ، ومخالفة الهوى ، وترك الأشر والبطر ، كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=9ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم [ ص: 179 ] نزعناها منه إنه ليئوس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير } وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا ، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها ، فمن عفا وأصلح فأجره على الله ، إنه لا يحب الظالمين } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رحمة الله عليه : " إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد من بطنان العرش : ألا ليقم من وجب أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا وأصلح " .
فليس حسن النية بالرعية والإحسان إليهم أن يفعل ما يهوونه ويترك ما يكرهونه فقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=71ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن } .
وقال تعالى
[ ص: 180 ] للصحابة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم }
وإنما الإحسان إليهم فعل ما ينفعهم في الدين والدنيا ، ولو كرهه من كرهه ، لكن ينبغي له أن يرفق بهم فيما يكرهونه .
ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34533ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا كان العنف في شيء إلا شانه } .
وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11316إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف }
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول : " والله لأريدن أن أخرج لهم المرة من الحق ، فأخاف أن ينفروا عنها ، فأصبر حتى تجيء الحلوة من الدنيا ، فأخرجها معها ، فإذا نفروا لهذه ، سكنوا لهذه " .
وهكذا {
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة ، لم يرده إلا بها ، أو بميسور من القول . وسأله مرة بعض أقاربه ، أن يوليه على الصدقات ، ويرزقه منها ، فقال : إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد [ ص: 181 ] فمنعهم إياها وعوضهم من الفيء . }
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=39943وتحاكم إليه nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وزيد ، وجعفر ، في ابنة nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة ، فلم يقض بها لواحد منهم ، ولكن قضى بها لخالتها ، ثم إنه طيب قلب كل واحد منهم بكلمة حسنة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : أنت مني وأنا منك . وقال لجعفر : أشبهت خلقي وخلقي . وقال لزيد : أنت أخونا ومولانا } .
فهكذا ينبغي لولي الأمر في قسمه وحكمه ، فإن الناس دائما يسألون ولي الأمر ما لا يصلح بذله من الولايات ، والأموال والمنافع والجود ، والشفاعة في الحدود وغير ذلك ، فيعوضهم من جهة أخرى ، إن أمكن ، أو يردهم بميسور من القول ما لم يحتج إلى الإغلاظ ، فإن رد السائل يؤلمه ، خصوصا من يحتاج إلى تأليفه ، وقد قال
[ ص: 182 ] الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا } .
وإذا حكم على شخص فإنه قد يتأذى ، فإذا طيب نفسه مما يصلح من القول والعمل كان ذلك تمام السياسة ، وهو نظير ما يعطيه الطبيب للمريض ، من الطيب الذي يسوغ الدواء الكريه ، وقد قال الله تعالى
لموسى عليه السلام لما أرسله إلى
فرعون : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=41504وقال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ بن جبل ، nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما - لما بعثهما إلى اليمن - يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=39908وبال مرة أعرابي في المسجد فقام أصحابه إليه [ ص: 183 ] فقال : لا تزرموه . أي لا تقطعوا عليه بوله ، ثم أمر بدلو من ماء فصب عليه } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12465إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين } والحديثان في الصحيحين
وهذا يحتاج إليه الرجل في سياسة نفسه وأهل بيته ورعيته ، فإن النفوس لا تقبل الحق إلا بما تستعين به من حظوظها التي هي محتاجة إليها ، فتكون تلك الحظوظ عبادة لله وطاعة له من النية الصالحة ، ألا ترى أن الأكل والشرب واللباس واجب على الإنسان ؟ حتى لو اضطر إلى الميتة وجب عليه عند عامة العلماء ، فإن لم يأكل حتى مات دخل النار ; لأن العبادات لا تؤدى إلا بهذا وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولهذا كانت نفقة الإنسان على نفسه وأهله مقدمة على غيرهما .
ففي السنن عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16811تصدقوا . فقال رجل : يا رسول الله عندي دينار . فقال تصدق به على نفسك . [ ص: 184 ] قال : عندي آخر . قال : تصدق به على زوجتك قال : عندي آخر قال تصدق به على ولدك . قال عندي آخر . قال تصدق به على خادمك . قال عندي آخر قال : أنت أبصر به } .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك . أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك } وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
أبي أمامة رضي الله عنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25842قال رسول الله [ ص: 185 ] صلى الله عليه وسلم يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك ، وأن تمسكه شر لك ، ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول ، واليد العليا خير من اليد السفلى } وهذا تأويل قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219ويسألونك ماذا ينفقون . قل العفو } أي الفضل .
وذلك لأن نفقة الرجل على نفسه وأهله فرض عين بخلاف النفقة في الغزو والمساكين ، فإنه في الأصل إما فرض على الكفاية ، وإما مستحب ، وإن كان قد يصير متعينا إذا لم يقم غيره به ، فإن إطعام الجائع واجب .
ولهذا جاء في الحديث .
{
لو صدق السائل لما أفلح من رده } ذكره الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وذكر أنه إذا علم صدقه وجب إطعامه وقد روى
أبو حاتم البستي في صحيحه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر رضي الله عنه الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه من أنواع العلم ، والحكمة ، وفيه أنه كان في حكمة آل
داود عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18145 : حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها بأصحابه الذين يخبرونه بعيوبه ويحدثونه عن ذات نفسه ، وساعة يخلو فيها بلذاته [ ص: 186 ] فيما يحل ويجمل فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات } فبين أنه لا بد من اللذات المباحة الجميلة فإنها تعين على تلك الأمور .
ولهذا ذكر الفقهاء أن العدالة هي الصلاح في الدين والمروءة باستعمال ما يجمله ويزينه ، وتجنب ما يدنسه ويشينه وكان
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء رضي الله عنه يقول : إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ; لأستعين به على الحق ، والله سبحانه إنما خلق اللذات والشهوات في الأصل لتمام مصلحة الخلق ، فإنهم بذلك يجتلبون ما ينفعهم ، كما خلق الغضب ليدفعوا به ما يضرهم ، وحرم من الشهوات ما يضر تناوله ، وذم من اقتصر عليها فأما من استعان بالمباح الجميل على الحق ، فهذا من الأعمال الصالحة ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15509النبي صلى الله عليه وسلم قال : في بضع أحدكم صدقة . قالوا يا رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أما يكون عليه وزر ؟ قالوا . بلى ، فلم تحتسبون بالحرام ولا تحتسبون بالحلال } .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12358أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : إنك لن تنفق [ ص: 187 ] نفقة تبتغي بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك } الآثار في هذا كثيرة ، فالمؤمن إذا كانت له نية أتت على عامة أفعاله ، وكانت المباحات في صالح أعماله لصلاح قلبه ونيته ، والمنافق لفساد قلبه ونيته - يعاقب على ما يظهره من العبادات رياء فإن من الصحيح أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15502النبي صلى الله عليه وسلم قال : ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب } .
[ ص: 188 ] وكما أن العقوبات شرعت داعية إلى فعل الواجبات ، وترك المحرمات ، فقد شرع أيضا كل ما يعين على ذلك فينبغي تيسير طريق الخير والطاعة ، والإعانة عليه ، والترغيب فيه بكل ممكن ، مثل أن يبذل لولده ، وأهله ، أو رعيته ما يرغبهم في العمل الصالح ، من مال أو ثناء أو غيره ، ولهذا شرعت المسابقة بالخيل ، والإبل ، والمناضلة بالسهام ، وأخذ الجعل عليها لما فيه من الترغيب في إعداد القوة ورباط الخيل للجهاد في سبيل الله ، حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق بين الخيل ، هو وخلفاؤه الراشدون ، ويخرجون الأسباق من بيت المال ، وكذلك عطاء المؤلفة قلوبهم ، فقد روي : {
أن الرجل كان يسلم أول النهار رغبة في الدنيا فلا يجيء آخر النهار إلا والإسلام أحب إليه مما طلعت عليه الشمس } .
وَمَتَى اهْتَمَّتْ الْوُلَاةُ بِإِصْلَاحِ دِينِ النَّاسِ ، صَلُحَ لِلطَّائِفَتَيْنِ دِينُهُمْ وَدُنْيَاهُمْ ، وَإِلَّا اضْطَرَبَتْ الْأُمُورُ عَلَيْهِمْ .
وَمِلَاكُ ذَلِكَ كُلِّهِ حُسْنُ النِّيَّةِ لِلرَّعِيَّةِ ، وَإِخْلَاصُ الدِّينِ كُلِّهِ لِلَّهِ ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ وَالتَّوَكُّلَ جِمَاعُ صَلَاحِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ ، كَمَا أَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ فِي صَلَاتِنَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فَإِنَّ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ قَدْ قِيلَ : إنَّهُمَا يَجْمَعَانِ مَعَانِيَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ السَّمَاءِ .
وَقَدْ رُوِيَ {
أَنَّ النَّبِيَّ ، كَانَ مَرَّةً فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ، فَقَالَ : يَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ ، إيَّاكَ نَعْبُدُ ، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فَجُعِلَتْ الرُّءُوسُ تَنْدُرُ عَنْ كَوَاهِلِهَا }
وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=123فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } وقَوْله تَعَالَى
[ ص: 175 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=88عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41963وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ - يَقُولُ : اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ }
nindex.php?page=treesubj&link=19649_19698_19572_2649_24589وَأَعْظُمُ عَوْنٍ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ خَاصَّةً وَلِغَيْرِهِ عَامَّةً ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَحَدُهَا : الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ ، وَأَصْلُ ذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ .
وَالثَّانِي : الْإِحْسَانُ إلَى الْخَلْقِ ، بِالنَّفْعِ وَالْمَالِ الَّذِي هُوَ الزَّكَاةُ .
الثَّالِثُ : الصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْخَلْقِ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّوَائِبِ .
وَلِهَذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّبْرِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي مَوْضِعَيْنِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ ، وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } .
: وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=130فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } .
وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ ق : {
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ } .
[ ص: 176 ] وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ } ، وَأَمَّا قِرَانُهُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فِي الْقُرْآنِ فَكَثِيرٌ جِدًّا .
فَبِالْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّبْرِ ، يَصْلُحُ حَالُ الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ ، إذَا عَرَفَ الْإِنْسَانُ مَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْجَامِعَةِ ، يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى دُعَاؤُهُ ، وَتِلَاوَةُ كِتَابِهِ ، وَإِخْلَاصُ الدِّينِ لَهُ ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ .
وَفِي الزَّكَاةِ بِالْإِحْسَانِ إلَى الْخَلْقِ بِالْمَالِ وَالنَّفْعِ ، وَمِنْ نَصْرِ الْمَظْلُومِ ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ ، وَقَضَاءِ حَاجَةِ الْمُحْتَاجِ .
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28826كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ } ، فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ إحْسَانٍ ، وَلَوْ بِبَسْطِ الْوَجْهِ وَالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ .
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ : عَنْ
عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25512مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَاجِبٌ ، وَلَا تُرْجُمَانٌ ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ ، فَيَنْظُرُ أَمَامَهُ ، فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ ، [ ص: 177 ] فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ } .
وَفِي السُّنَنِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30083لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إلَيْهِ مُنْبَسِطٌ وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إنَاءِ الْمُسْتَسْقِي } وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22417إنَّ أَثْقَلَ مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ } .
وَرُوِيَ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7856صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=54لِأُمِّ سَلَمَةَ [ ص: 178 ] يَا nindex.php?page=showalam&ids=54أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ }
وَفِي الصَّبْرِ احْتِمَالُ الْأَذَى ، وَكَظْمُ الْغَيْظِ ، وَالْعَفْوُ عَنْ النَّاسِ ، وَمُخَالَفَةُ الْهَوَى ، وَتَرْكُ الْأَشِرِ وَالْبَطَرِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=9وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ [ ص: 179 ] نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ، وَمَا يُلَقَّاهَا إلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، إنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ : " إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ : أَلَا لِيَقُمْ مَنْ وَجَبَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلَا يَقُومُ إلَّا مَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ " .
فَلَيْسَ حَسَنُ النِّيَّةِ بِالرَّعِيَّةِ وَالْإِحْسَانُ إلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَهْوُونَهُ وَيَتْرُكَ مَا يَكْرَهُونَهُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=71وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ } .
وَقَالَ تَعَالَى
[ ص: 180 ] لِلصَّحَابَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ }
وَإِنَّمَا الْإِحْسَانُ إلَيْهِمْ فِعْلُ مَا يَنْفَعُهُمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَلَوْ كَرِهَهُ مَنْ كَرِهَهُ ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفُقَ بِهِمْ فِيمَا يَكْرَهُونَهُ .
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34533مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إلَّا زَانَهُ ، وَلَا كَانَ الْعُنْفُ فِي شَيْءٍ إلَّا شَانَهُ } .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11316إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ }
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : " وَاَللَّهِ لَأُرِيدَنَّ أَنْ أُخْرِجَ لَهُمْ الْمُرَّةَ مِنْ الْحَقِّ ، فَأَخَافُ أَنْ يَنْفِرُوا عَنْهَا ، فَأَصْبِرُ حَتَّى تَجِيءَ الْحُلْوَةُ مِنْ الدُّنْيَا ، فَأُخْرِجُهَا مَعَهَا ، فَإِذَا نَفَرُوا لِهَذِهِ ، سَكَنُوا لِهَذِهِ " .
وَهَكَذَا {
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ ، لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا بِهَا ، أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنْ الْقَوْلِ . وَسَأَلَهُ مَرَّةً بَعْضُ أَقَارِبِهِ ، أَنْ يُوَلِّيَهُ عَلَى الصَّدَقَاتِ ، وَيَرْزُقَهُ مِنْهَا ، فَقَالَ : إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ [ ص: 181 ] فَمَنَعَهُمْ إيَّاهَا وَعَوَّضَهُمْ مِنْ الْفَيْءِ . }
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=39943وَتَحَاكَمَ إلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ ، وَزَيْدٌ ، وَجَعْفَرٌ ، فِي ابْنَةِ nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةَ ، فَلَمْ يَقْضِ بِهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ، وَلَكِنْ قَضَى بِهَا لِخَالَتِهَا ، ثُمَّ إنَّهُ طَيَّبَ قَلْبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِكَلِمَةٍ حَسَنَةٍ ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ : أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ . وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي . وَقَالَ لِزَيْدٍ : أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا } .
فَهَكَذَا يَنْبَغِي لِوَلِيِّ الْأَمْرِ فِي قَسْمِهِ وَحُكْمِهِ ، فَإِنَّ النَّاسَ دَائِمًا يَسْأَلُونَ وَلِيَّ الْأَمْرِ مَا لَا يَصْلُحُ بَذْلُهُ مِنْ الْوِلَايَاتِ ، وَالْأَمْوَالِ وَالْمَنَافِعِ وَالْجُودِ ، وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَيُعَوِّضُهُمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى ، إنْ أَمْكَنَ ، أَوْ يَرُدُّهُمْ بِمَيْسُورٍ مِنْ الْقَوْلِ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْإِغْلَاظِ ، فَإِنَّ رَدَّ السَّائِلِ يُؤْلِمُهُ ، خُصُوصًا مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَأْلِيفِهِ ، وَقَدْ قَالَ
[ ص: 182 ] اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا } .
وَإِذَا حَكَمَ عَلَى شَخْصٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَأَذَّى ، فَإِذَا طَيَّبَ نَفْسَهُ مِمَّا يَصْلُحُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ كَانَ ذَلِكَ تَمَامَ السِّيَاسَةِ ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا يُعْطِيهِ الطَّبِيبُ لِلْمَرِيضِ ، مِنْ الطَّيِّبِ الَّذِي يُسَوِّغُ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَرْسَلَهُ إلَى
فِرْعَوْنَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فَقَوْلَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=41504وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=32لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=110وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَمَّا بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ - يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا ، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=39908وَبَالَ مَرَّةً أَعْرَابِيٌّ فِي الْمَسْجِدِ فَقَامَ أَصْحَابُهُ إلَيْهِ [ ص: 183 ] فَقَالَ : لَا تَزْرِمُوهُ . أَيْ لَا تَقْطَعُوا عَلَيْهِ بَوْلَهُ ، ثُمَّ أَمَرَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ } ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12465إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ } وَالْحَدِيثَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ
وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرَّجُلُ فِي سِيَاسَةِ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَرَعِيَّتِهِ ، فَإِنَّ النُّفُوسَ لَا تَقْبَلُ الْحَقَّ إلَّا بِمَا تَسْتَعِينُ بِهِ مِنْ حُظُوظِهَا الَّتِي هِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهَا ، فَتَكُونُ تِلْكَ الْحُظُوظُ عِبَادَةً لِلَّهِ وَطَاعَةً لَهُ مِنْ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَاللِّبَاسَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ ؟ حَتَّى لَوْ اُضْطُرَّ إلَى الْمَيْتَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ، فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ; لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تُؤَدَّى إلَّا بِهَذَا وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَلِهَذَا كَانَتْ نَفَقَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى غَيْرِهِمَا .
فَفِي السُّنَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16811تَصَدَّقُوا . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ . فَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ . [ ص: 184 ] قَالَ : عِنْدِي آخَرُ . قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ قَالَ : عِنْدِي آخَرُ قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ . قَالَ عِنْدِي آخَرُ . قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ . قَالَ عِنْدِي آخَرُ قَالَ : أَنْتَ أَبْصَرُ بِهِ } .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ . أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ } وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25842قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [ ص: 185 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا ابْنَ آدَمَ إنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى } وَهَذَا تَأْوِيلُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ . قُلْ الْعَفْوَ } أَيْ الْفَضْلَ .
وَذَلِكَ لِأَنَّ نَفَقَةَ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ فَرْضُ عَيْنٍ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ وَالْمَسَاكِينِ ، فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ إمَّا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ، وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَصِيرُ مُتَعَيَّنًا إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ بِهِ ، فَإِنَّ إطْعَامَ الْجَائِعِ وَاجِبٌ .
وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ .
{
لَوْ صَدَقَ السَّائِلُ لَمَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُ } ذَكَرَهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ وَذَكَرَ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ صِدْقُهُ وَجَبَ إطْعَامُهُ وَقَدْ رَوَى
أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الطَّوِيلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ ، وَالْحِكْمَةِ ، وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي حِكْمَةِ آلِ
دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18145 : حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ تَكُونَ لَهُ أَرْبَعُ سَاعَاتٍ : سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيُحَدِّثُونَهُ عَنْ ذَاتِ نَفْسِهِ ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِلَذَّاتِهِ [ ص: 186 ] فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ فَإِنَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ عَوْنًا عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ } فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اللَّذَّاتِ الْمُبَاحَةِ الْجَمِيلَةِ فَإِنَّهَا تُعِينُ عَلَى تِلْكَ الْأُمُورِ .
وَلِهَذَا ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ وَالْمُرُوءَةُ بِاسْتِعْمَالِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ ، وَتَجَنُّبِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : إنِّي لَأَسْتَجِمُّ نَفْسِي بِالشَّيْءِ مِنْ الْبَاطِلِ ; لِأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى الْحَقِّ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا خَلَقَ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ فِي الْأَصْلِ لِتَمَامِ مَصْلَحَةِ الْخَلْقِ ، فَإِنَّهُمْ بِذَلِكَ يَجْتَلِبُونَ مَا يَنْفَعُهُمْ ، كَمَا خَلَقَ الْغَضَبَ لِيَدْفَعُوا بِهِ مَا يَضُرُّهُمْ ، وَحَرَّمَ مِنْ الشَّهَوَاتِ مَا يَضُرُّ تَنَاوُلُهُ ، وَذَمَّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَأَمَّا مَنْ اسْتَعَانَ بِالْمُبَاحِ الْجَمِيلِ عَلَى الْحَقِّ ، فَهَذَا مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15509النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ أَجْرٌ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ وِزْرٌ ؟ قَالُوا . بَلَى ، فَلِمَ تَحْتَسِبُونَ بِالْحَرَامِ وَلَا تَحْتَسِبُونَ بِالْحَلَالِ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12358أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ [ ص: 187 ] نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا ازْدَدْتَ بِهَا دَرَجَةً وَرِفْعَةً حَتَّى اللُّقْمَةَ تَضَعُهَا فِي فَمِ امْرَأَتِكَ } الْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ ، فَالْمُؤْمِنُ إذَا كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ أَتَتْ عَلَى عَامَّةِ أَفْعَالِهِ ، وَكَانَتْ الْمُبَاحَاتُ فِي صَالِحِ أَعْمَالِهِ لِصَلَاحِ قَلْبِهِ وَنِيَّتِهِ ، وَالْمُنَافِقُ لِفَسَادِ قَلْبِهِ وَنِيَّتِهِ - يُعَاقَبُ عَلَى مَا يُظْهِرُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ رِيَاءً فَإِنَّ مِنْ الصَّحِيحِ أَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15502النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَلَا إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلُحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ } .
[ ص: 188 ] وَكَمَا أَنَّ الْعُقُوبَاتِ شُرِعَتْ دَاعِيَةً إلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ ، وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ ، فَقَدْ شُرِعَ أَيْضًا كُلُّ مَا يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَيْسِيرُ طَرِيقِ الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ ، وَالْإِعَانَةُ عَلَيْهِ ، وَالتَّرْغِيبُ فِيهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ ، مِثْلُ أَنْ يَبْذُلَ لِوَلَدِهِ ، وَأَهْلِهِ ، أَوْ رَعِيَّتِهِ مَا يُرَغِّبُهُمْ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، مِنْ مَالٍ أَوْ ثَنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَلِهَذَا شُرِعَتْ الْمُسَابَقَةُ بِالْخَيْلِ ، وَالْإِبِلِ ، وَالْمُنَاضَلَةُ بِالسِّهَامِ ، وَأَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرْغِيبِ فِي إعْدَادِ الْقُوَّةِ وَرِبَاطِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، حَتَّى كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَابِقُ بَيْنَ الْخَيْلِ ، هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ ، وَيُخْرِجُونَ الْأَسْبَاقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَكَذَلِكَ عَطَاءُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ، فَقَدْ رُوِيَ : {
أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُسْلِمُ أَوَّلَ النَّهَارِ رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا فَلَا يَجِيءُ آخِرُ النَّهَارِ إلَّا وَالْإِسْلَامُ أَحَبُّ إلَيْهِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ } .