الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [ارتداد أحد الزوجين]

                                                                                                                                                                                        ارتداد أحد الزوجين يوجب الفراق، فإن ارتد الزوج لم يصح أن تكون مسلمة تحت كافر، وكذلك إن ارتدت الزوجة إلى المجوسية؛ لأن المجوسية لا تكون زوجة لمسلم، ويختلف إذا ارتدت إلى النصرانية، أو ارتد الزوج وتحته نصرانية، فقيل: يقع الفراق في الموضعين جميعا.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في "المدونة": إذا ارتد وقعت الفرقة بينه وبين زوجاته إذا كن مسلمات.

                                                                                                                                                                                        وقال علي بن زياد وابن أشرس عن مالك: إذا ارتدت المرأة إلى المجوسية وزوجها مسلم وقعت الفرقة بينهما. فخص مالك الفرقة بارتداده إذا كان الزوجات مسلمات، وخص الآخران ارتدادهم إلى المجوسية.

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ في "كتاب ابن حبيب": إن ارتد وزوجاته نصرانيات أو [ ص: 2133 ] يهوديات فلا يحال بينه وبينهن، ولا يحرمن عليه إن عاود الإسلام؛ لأن الله عز وجل قال: فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار [الممتحنة: 10] ، وقال في الرجال: ولا تمسكوا بعصم الكوافر فأجرى حكم الارتداد، وحكم ما كان يصح أو يفسد في أصل العقد على الدين الذي ارتد إليه، فتقع الفرقة في الموضع الذي لا يجوز أن يبتدئ عقد النكاح عليه، ولا تقع في الموضع الذي يجوز أن يبتدئه.

                                                                                                                                                                                        فإذا ارتد وتحته نصرانية، أو ارتدت هي إلى النصرانية أو إلى اليهودية لم يفرق بينهما لما كان جائزا أن يعقد النكاح، وهما على ذلك الدين.

                                                                                                                                                                                        وقد احتج من نصر القول الأول بقوله عز وجل: لئن أشركت ليحبطن عملك [الزمر: 65] ، قال: وهذا عمل، وليس بصحيح، والمراد بالآية الأعمال التي كانت لله سبحانه، وهذه تباعات بين آدميين، ولا خلاف أن الردة لا توجب نقض ما تقدم من تباعات الآدميين

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الزوجة نصرانية، فارتدت إلى اليهودية، لم يفرق بينهما، وليس علينا أن نردها من كفر إلى كفر آخر، وإذا ارتدت إلى المجوسية وقعت الفرقة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ارتدا جميعا الزوج والزوجة في مرة واحدة؛ فقال الشافعي: تقع الفرقة. وقال أبو حنيفة: الزوجية باقية. [ ص: 2134 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية