الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في صفة اللعان بنفي الحمل]

                                                                                                                                                                                        اختلف في صفة اللعان بنفي الحمل، فقال ابن القاسم في المدونة: يقول: [ ص: 2430 ]

                                                                                                                                                                                        أشهد بالله لزنت، وتقول هي: أشهد بالله ما زنيت، وقال في كتاب محمد: يقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين، ما هذا الحمل مني، وعلى هذا تقول هي: إنه لمنه.

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ: يقول: أشهد بالله لزنت، وما هذا الحمل مني، وتقول: هي ما زنيت وإنه لمنه.

                                                                                                                                                                                        وقال في العتبية، وهو في كتاب محمد: وأحب إلي أن يتبع مع قوله: ما هذا الحمل مني، ولزنت، في كل مرة نحو قوله في الرؤية، يريد: أن يقول: لزنت زنى كالمرود في المكحلة وقال ابن شعبان: قال بعض أصحابنا، ويقول: ولقد استبرئت.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يكون اللعان مبنيا على الوجه الذي ينفي به ذلك الولد، فيثبت ذلك في لعانه، وقد اختلف في الوجه الذي يجوز به النفي، وهل يصح ذلك بالاستبراء بانفراده، أو بالرؤية بانفرادها، أو بمجموع ذلك؟ والاستبراء والرؤية على وجوه تذكر فيما بعد إن شاء الله. [ ص: 2431 ]

                                                                                                                                                                                        فمن أجاز نفيه بالاستبراء بانفراده؛ أثبت في لعانه الاستبراء لا غير، فيقول: أشهد بالله الذي لا إله إلا هو إني لمن الصادقين، لقد استبرأتها، ويزيد: إنه كان من وقت كذا، وإن قال: رأيتها؛ لاعن للرؤية، وأنه رآها كالمرود في المكحلة.

                                                                                                                                                                                        ثم يختلف هل يذكر التاريخ للرؤية؟ فعلى القول إن اللعان للرؤية ينفي الولد، وإن كانت حاملا لا يذكر هذا تاريخا، وعلى القول: إنه لا يراعي الوقت الذي أتت به من وقت الزنا، يسأل عن الوقت الذي رآها فيه، فإن كان ستة أشهر فأكثر، قيل له: أثبت ذلك في لعانك، وعلى القول إنه لا ينفي إلا بالاستبراء والرؤية، يثبت جميع ذلك في لعانه، وقوله: إنه يجزئه: قوله ما هذا الحمل مني على القول إنه يبرأ بالاستبراء بانفراده، فيذكر ذلك، ولا يكون عليه أن يقول: لزنت، لإمكان أن تكون غصبت، وقوله في المدونة: لزنت يصح أن يرد إلى القول أنه لا ينفى إلا باجتماع الرؤية والاستبراء. [ ص: 2432 ]

                                                                                                                                                                                        وقول ابن شعبان في إثبات الاستبراء في اللعان أحسن، وكل هذا وإن لم يكن في الأحاديث، فإنه مما يخص به عمومها؛ لأن التعانه يوجب رجمها عند نكولها، فكان من حقها أن يثبت في التعانه ما يوجب ذلك عليها فيه، فإن أحب أن يلتعن على صفة يكون فيها تلبيس على الوجه الذي يوجب ذلك عليها أو يكون فيه حق للولد، لا ينتفي معه، لم يمكن منه، ويثبت كل ذلك في الأربع كلما كرر الشهادة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية