الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في صفة من ينفى منها الولد]

                                                                                                                                                                                        الولد ينفى من ملك اليمين، ومن زوجة حرة محصنة مدخول بها، أو أمة أو كتابية، ومن معترفة بالزنى، ومن منكرة مشهود عليها بالزنا، ومغتصبة وغير مدخول بها، فأما ملك اليمين فله نفيه بغير لعان، ويحلف يمينا واحدة إن ادعت أنه منه، وإن اعترفت أنه من زنا، لم يحلف، وإن كان من زوجة حرة [ ص: 2449 ] مسلمة أو أمة أو كتابية تدعي أنه منه، لم ينفه إلا بلعان، وإن اعترفت أنه من زنا، وقالت: إنه كان استبرأ قبله، كان فيه قولان، فقال مالك مرة: لا ينفيه إلا بلعان، وبه أخذ المغيرة وابن دينار وابن الماجشون وابن عبد الحكم، وقال مرة ينفيه بغير لعان، وبه أخذ ابن القاسم وأشهب.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد: وكذلك إذا اعترفت بالزنا وقالت: هو من الزوج فله نفيه بغير لعان، وكل هذا إذا قامت البينة على قولها حتى تحد، وإن رجعت عن اعترافها لم ينفه إلا بلعان، وقال ابن القاسم في كتاب الرجم: إذا أشهد عليها أنها زنت منذ أربعة أشهر، وكان زوجها غائبا، ثم ظهر حمل، فأخرت حتى وضعت، فإن قالت: هو للزنا -لأنه تقدمه استبراء- كان للزوج أن ينفيه بغير لعان.

                                                                                                                                                                                        وإن قالت: هو من زوجي، أو لم تسأل حتى رجمت لم ينفه إلا بلعان.

                                                                                                                                                                                        وهذا اختلاف قول؛ لأن الشهادة والاعتراف بالزنا سواء، وعلى قوله [ ص: 2450 ] في كتاب محمد: أنها إذا اعترفت بالزنا، وقالت في الولد: إنه من الزوج، أن له أن ينفيه بغير لعان، يكون ذلك له إذا شهدت البينة بالزنا، فله أن ينفيه بغير لعان، وإن ادعت أنه منه.

                                                                                                                                                                                        وعلى أحد قولي مالك في المعترفة بالزنا، وأنه ليس منه، لا يكون للزوج أن ينفيه إذا شهدت البينة بالزنا أو اعترفت الزوجة أنه من زنا، لا ينفيه إلا بلعان، فمنع مالك نفيه في القول الأول بغير لعان، لعموم الآية، ولم ير ذلك على الزوج في القول الآخر، قياسا على ملك اليمين أنه لما انفرد النفي لحق الولد، كان القول قوله فيه بغير لعان إذا حدت الزوجة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية