باب في صيام المظاهر ومن لا يتابع صومه اختيارا أو لمرض أو نسيان
حسب ما ذكر الله سبحانه في كتابه، فمن أتى به متفرقا متعمدا لم يجزئه، وإن كانت التفرقة عن مرض أجزأه. الصوم عن الظهار شهران متتابعان
واختلف إذا كانت عن نسيان أو خطأ في العدد أو جهل بالحكم فقال في كتاب محمد في النسيان: لا يجزئه.
وعلى هذا لا يجزئه إن كانت التفرقة عن جهل، وقال في المدونة فيمن مالك قال: يجزئه، وعلى هذا يجزئ الناسي، ومن أخطأ العدد فداخل في الناسي. صام ذا القعدة وذا الحجة جاهلا يظن أنه يجزئه،
وقال محمد بن عبد الحكم: المرض والنسيان سواء يجزئه. قال: لأن كل ذلك من أمر الله تعالى، لا يستطيع العبد دفعه، وهو أبين، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حمل عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
فسوى بين النسيان والاستكراه، والاستكراه لا يسقط التتابع، وكذلك النسيان، وقياسا على الصلاة أنه لا خلاف أن الواجب أن يأتي بها متتابعة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سلم من صلاته من ركعتين، ثم قام إلى خشبة [ ص: 2342 ] معروضة في المسجد، فكلم على قصر الصلاة، فكانت منه مراجعة، وفي بعض الروايات أنه دخل إلى بعض حجره، ثم بنى على ما تقدم من صلاته، وأما إن جهل فابتدأ الصوم في ذي القعدة وذي الحجة، فالصواب أن يبتدئ، بخلاف الناسي: لأن هذا متعمد، أو لو - لم يجزئه أن يبني على ما صلى أربعا. جهل رجل أعداد الصلاة وظن أن الظهر ركعتان، فصلاها على ذلك فلما سلم وتكلم أعلم أنها أربع
ولو - أجزأه أن يبني على ما تقدم؛ لأن المرض أخره إلى ذي الحجة. ابتدأ صيامه في شوال، ثم مرض ذا القعدة، ثم صح ذا الحجة
وقال في العتبية ابن القاسم صام يومين يصلهما، وأتى بشهرين. [ ص: 2343 ] فيمن صام عن ظهارين فواصل أربعة أشهر، ثم ذكر يومين لا يدري من أي ظهاريه،
وقال إن وصل الكفارتين ثم ذكر يومين كان أفطرهما ناسيا أو خطئ فأقل ما يجزئه يوم يصله بالشهرين الأخيرين، ثم يأتي بشهرين؛ لأن أكثر ما عليه أن يكون يوم من آخر الكفارة الأولى، ويوم من أول الثانية. عبد الملك بن حبيب:
وقال الشيخ - رضي الله عنه -: إذا ذكر يوما من أول صومه، وكان قد وصل الصوم الأول بالثاني، فعلى أصل يكون أول يوم من الشهرين الأخيرين تماما للأوليين، قياسا على قوله فيمن عبد الملك- إنها تجزئ عن الظهر؛ لأنه لم يرفض النية الأولى، وإنما أحدث نية ظنا منه أنه وفى بالأولى، وكذلك هذا أحدث نية ظنا منه أنه وفى الصوم الأول، فيجزئه الأول، ويكون النقص من الثاني، فإن ذكر في آخر الثاني وقبل أن يأخذ في الفطر- أتى بيوم يصله بشهرين وأجزأه. سلم من ركعتين من الظهر، ثم أتى بركعتين نفلا
ويختلف إذا ذكر بعد أن أخذ في الفطر هل يأتي بيوم أو يستأنف صومه، على الخلاف في الناسي، وإن كان عين صومه عن كل امرأة صام يوما عن الأولى، وحلت له، وأمسك عن الثانية، وإن لم يكن عين أمسك عنهما حتى يصلح الآخر، وعلى قول يكون النقص من الأول، ثم يختلف في استئنافه، والقول: إن النسيان لا يسقط التتابع أحسن، وقد تقدم، فلا يكون عليه إلا قضاء يوم، وإن ذكر ذلك اليوم في تضاعيف صومه الثاني- جرت على [ ص: 2344 ] قولين، هل يتم ما هو فيه، ثم يصوم ذلك اليوم الأول، أو يبتدئ بالذي نسي، بمنزلة من ذكر صلاة وهو في صلاة؟ ابن القاسم
وأرى أن يتم الثاني ثم يقضي الأول، ولو رجع إلى تمام الأول لرأيت أن يرجع إلى تمام الثاني، ولا يستأنفه؛ لأنه لم يتخلل الثاني فطر، وإنما تخلله صوم وقربة لله سبحانه، وفي كتاب نحو ذلك فيمن صام شعبان وشوال أنه يجزئه، وإن تخلله رمضان. ابن حبيب
وفي ثمانية أبي زيد مثل ذلك فيمن قال: يأتي بما نقص، وإن طالت صلاته الثانية؛ لأنه كان في قربة، بخلاف أن يكون ذلك القدر في غير صلاة. نسي ركعة، ثم ذكرها بعد أن تلبس بصلاة،
فإن قال: لا أدري من أي الصومين ذلك اليوم، وكان قد أخذ في الفطر بعد انقضاء الشهرين الآخرين- استأنف صوم الأربعة الأشهر، على القول: إن وإن لم يكن عين فعلى القول أن النسيان لا يفسد التتابع فإن عين صام يومين، وإن لم يعين صام صوما ينوي به الباقي في الذمة. النسيان يسقط التتابع إذا كان قد عين الصوم عن كل امرأة،
ولو قيل فيمن عين: إنه يجزئه يوم، لكان وجها؛ لأنه ينوي به الذي أسقطه منهما، وكذلك على القول إنه يفسد بالنسيان، يصح أن يأتي بشهرين، وإن كان [ ص: 2345 ] عين وينوي به الذي أفسد منهما.
وكل هذا ما لم يصب، فإن وطئ فسد صومه عن إحداهما؛ لأن صومه عن واحدة صحيح، ثم يوقف عنها حتى يكفر كفارة أخرى، ومن أكل في نهاره بعد أن بيت الصوم- قضى يوما، وواصله بصيامه، وأجزأه، ولم يستأنف؛ لأن بعض أهل العلم قال: إن صوم ذلك اليوم صحيح لا يجب قضاؤه، وقياد المذهب أن يكون بمنزلة من بيت الفطر؛ لأنه لم يختلف قول وأصحابه إنه صوم فاسد يجب قضاؤه فلا يحتسب به. مالك
لقول الله تعالى: وإن وطئ المظاهر الزوجة التي ظاهر منها ناسيا أو عامدا في ليل أو نهار في شهري صيامه- بطل صيامه، ووجب استئنافه، من قبل أن يتماسا وكذلك إن فإنه يستأنف، ولا يجوز الوطء قبل استكمال الإطعام، كما لم يجز في العتق والصيام؛ لأن الإطعام إن أتى به جملة كان كالعتق، أو متفرقا كان كالصيام. أطعم بعض المساكين، ثم أصاب؛
وقال في كتابه: إن وطئ قبل أن يتم الإطعام أحب إلي أن يستأنف، وأظنه قال ذلك مراعاة لما قال عبد الملك بن الماجشون إنه يجوز له أن يطأ قبل أن يطعم، وقد اختلف عن الثوري في ذلك. الثوري
فإن بطل، كما لو أكل عامدا، ويختلف إذا وطئ ناسيا؛ هل يجزئه، أو يستأنف حسب ما تقدم إذا أكل ناسيا؟ أصاب غير التي ظاهر منها نهارا عامدا