الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن أعتق أربعة أعبد]

                                                                                                                                                                                        وإن أعتق أربعة أعبد عن أربع نسوة، كان الجواب على أربعة أوجه: فإن عين كل رقبة عن كل امرأة أجزأه.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا لم يعين، ونوى واحدة عن واحدة، أجزأه. وإن أشرك في كل رقبة لم يجزئه.

                                                                                                                                                                                        واختلف إن أطلق ولم يعين ولم يشرك، فقال ابن القاسم: يجزئه.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيها عن أشهب هل يجزئه أم لا ؟ وأن يجزئ أحسن؛ لأن القصد أن يعتق رقبة عن كل امرأة ولا يشرك، وإن صام ثمانية أشهر، وعين كل شهرين عن امرأة أو نوى بكل شهرين امرأة واحدة ولم يعينها - أجزأه، وإن أشرك في كل يوم لم يجزئه، وإن أطلق ذلك- كان على الخلاف، ويختلف أيضا إذا أشرك في كل شهر، وليس في اليوم الواحد فقيل: لا يجزئه ويستأنف جميع صومه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب فيمن صام شعبان ورمضان عن ظهاره، وأفطر يوم الفطر - إنه يتم صومه في شوال ويجزئه. وعلى هذا يجزئ من ظاهر من [ ص: 2361 ] امرأة واحدة فصام أربعة أشهر، يوما عن ظهاره، ويوما تطوعا حتى أتم؛ لأنه لم يخفف عن نفسه، ولم يتخلله ما يضاده بل أتى به على صفة هي أشق، وإن فعل ذلك جهلا- كان أعذر مما قاله مالك فيمن صام ذا القعدة وذا الحجة.

                                                                                                                                                                                        وإن كان من أهل الاجتهاد، ورأى أن ذلك جائز- أجزأه، وكذلك الإطعام يجزئ إذا عين أو نوى رفع الاشتراك وإن لم يعين، ولا يجزئ إذا أشرك في كل مسكين.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد: إن أعتق أربعا عن الأربع أجزأه، وإن أعتق اليوم رأسين وغدا رأسين لم يجزئه، وإن أعتق ثلاثة وأطعم ستين مسكينا في مجلس - لم يجزئه.

                                                                                                                                                                                        ومحمل قوله أنه أعتق رأسين عن الأربع ثم رأسين، أو أعتق الثلاثة عن الأربع ثم أطعم.

                                                                                                                                                                                        وإن ظاهر من امرأتين، ثم أعتق عنهما رقبتين، فعين واحدة عن إحدى المرأتين وأبهم الأخرى، حلت التي عين، تقدمت أو تأخرت، ويفترق الجواب في التي أبهم، فإن تقدمت- سقط حكمها، وكأنه لم يكفر تلك الكفارة، وإن تأخرت- أجزأت عن التي بقيت، وإن لم يكن عين عنها؛ لأنه لما سقط الظهار عن الأولى بالتعيين صار بمنزلة من لم يظاهر إلا عن واحدة ثم أعتق.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: ولو نوى بالعتق واحدة ثم نسيها لم يبال، ويكفر عن الباقية. يريد: قبل أن يصيب واحدة منهما بعتق رقبة، وينوي بها التي لم يعين. [ ص: 2362 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إن أعتق ثلاثا عن ثلاث، ولم يعين- لم تحل له واحدة منهن حتى يعتق الرقبة الرابعة، وكذلك إن ماتت واحدة أو طلقها لم تحل واحدة من الباقيات حتى يعتق رقبة ولو صام ستة أشهر عن ثلاث، ثم ماتت واحدة أو طلقها لم تحل له واحدة منهن حتى يصوم شهرين.

                                                                                                                                                                                        وإذا أشرك في كل شهرين، وليس في كل يوم- أجزأه على أحد القولين وسقط حظ الميتة من ذلك الصوم، وصام شهرا ونصفا، وإن أطعم عن ثلاث ثم ماتت واحدة أو طلقها-لم تحل له واحدة منهن حتى يطعم ستين مسكينا.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن ظاهر من أربع نسوة ظهارا واحدا ولم ينو واحدة فكفر عن واحدة: إنها تجزئه عن جميعهن، ويسقط الظهار عمن لم ينو منهن، وإن جامع التي لم ينو الصيام عنها في خلال صومه- فسد الصيام عن التي نواه عنها. وهذا أحسن، أن يجزئ عن التي لم ينو الصيام عنها إذا كان قد نوى العودة فيها. [ ص: 2363 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية