فصل [في فاقد الطهورين الماء والصعيد]
واختلف فيمن لم يجد ماء ولا وجد للصعيد سبيلا على أربعة أقوال :
فذهب مالك وابن نافع إلى أنه غير مخاطب بالصلاة في الوقت ولا بالقضاء بعد الوقت .
وقال أشهب : يصلي ولا يقضي.
وقال ابن القاسم: يصلي ويقضي، وإن ذهب الوقت.
وقال أصبغ : لا يصلي ويقضي.
وروى معن بن عيسى عن مالك في " كتاب ابن سحنون" في أسارى ربطهم العدو ليالي ثم خلى عنهم قال: لا يصلون ما مضى .
قال سحنون: وكان ابن نافع لا يرى على الذين ينهدم عليهم الحائط الصلاة بعد زوال الوقت .
وقال مالك في " المدونة" : يقضون ما فاتهم لأن معهم عقولهم .
وهذا خلاف ما روى عنه معن، إلا أنه لم يذكر ما أوجب القضاء لأنه كان [ ص: 204 ] عليهم أن يصلوا قبل كما قال أشهب ، فلما لم يصلوا وجب القضاء، أو لأنه لا تصح منهم الصلاة بغير تيمم ويجب القضاء كما قال أصبغ .
والذي أختاره أن يصلي على حاله ولا يقضي; لحديث عائشة - رضي الله عنها - " أنها استعارت قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناسا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة، فصلوا بغير وضوء، فشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت آية التيمم" . أخرجه البخاري ومسلم .
فثبت أنه مخاطب بالصلاة دون القضاء من وجهين:
أحدهما: أنه لم ينكر عليهم فعلهم; فلو كان غير جائز لأبانه ; لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وإذا كان فعلهم جائزا كانت الصلاة واجبة; لأنه إذا جاز أداء الفرض على تلك الصفة لم يسقط وجوبه متى كان قادرا على أدائه على وجه الجواز.
فإن قيل: إن ذلك منسوخ بآية التيمم.
قيل: إنما نسخ أداء الصلاة بغير تيمم مع القدرة عليه، فإذا عدم القدرة على استعمال التيمم عاد الأمر إلى ما كان مخاطبا به عند عدم الماء. [ ص: 205 ]
وقال الشيخ أبو الحسن في " الممهد" في المربوط: ينوي التيمم إلى الأرض بوجهه ويديه حسب طاقته، إذ لا يمكن أكثر من ذلك كما ينوي السجود إلى الأرض. [ ص: 206 ]


