الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن آلى بحج أو عمرة أو صوم]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن آلى بحج أو عمرة أو صوم: هو مول. يريد: إذا كانت اليمين بمضمون من ذلك، وأما إن عين فآلى بحج هذا العام، وكان من أهل مكة أو المدينة، وكان بينه وبين الوقفة أربعة أشهر فأقل فليس بمول، وإن كان أكثر كان موليا.

                                                                                                                                                                                        وإن كان من غير أهل هذين الموضعين، وكان بينه وبين خروج الناس أربعة أشهر فأقل فليس بمول وإن كان أكثر كان موليا، فإن لم يخرج حينئذ لأنه لم يجد رفقة يخرج فيها، فليس بمول، وسواء كانت مسافة الوصول أربعة أشهر أو أكثر؛ لأنه إذا فاته خروج الناس سقط الوفاء بالحج في ذلك العام، وصار بمنزلة من حلف بحج في عام ذاهب، ولأنه لو حلف بعد خروج الناس بحج ذلك العام لم يكن موليا، وإن كان حين يمينه بينه وبين خروج الناس أكثر من أربعة أشهر كان موليا، وإن لم تقم به الزوجة إلا بعد خروج الناس لم يكن موليا، وإن آلى بعمرة في شهر بعينه وهو بمكة، وبينه وبين انقضاء ذلك الشهر أربعة أشهر لم يكن موليا، وإن كان أكثر كان موليا، وإن [ ص: 2372 ] كان بغير مكة تراعى المدة التي بينه وبين الخروج، وأن يدرك إيقاع العمرة في الوقت الذي وقته، وإن كان بينه وبين الخروج وأن يدرك العمرة أكثر من أربعة أشهر- كان موليا، وإن كان دون ذلك لم يكن موليا.

                                                                                                                                                                                        وكذلك الصوم، فإن آلى أن يصوم الشهر الذي هو فيه، أو الثاني أو الثالث أو الرابع، أو أياما من الخامس ما يكون تمام أربعة أشهر، لم يكن موليا، وإن زاد على ذلك، كان موليا.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: كل من حلف ألا يطأ امرأته حتى يفعل فعلا يقدر عليه أو لا يقدر عليه - فهو مول، فإن قال لزوجته: والله لا أطؤك حتى أمس السماء، فهو مول، وإن قال: أنت طالق إن قربتك حتى أمس السماء، فهو مول، وله أن يصبر عليه إلى أجل الإيلاء؛ لأن له أن يصيب فتنحل عنه اليمين ثم يرتجع.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا قال: أنت طالق البتة إن قربتك حتى أمس السماء، وهو بمنزلة من قال: إن وطئتك فأنت طالق البتة.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يمكن من الإصابة؟ فمن قال: إنه يمكن، كان له أجل المولي. ومن قال: لا يمكن، كان في الصبر إلى أجل المولي قولان، وبيان [ ص: 2373 ] ذلك يأتي فيما بعد إن شاء الله.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن قال: لا ألتقي أنا وأنت سنة، سمعت مالكا يقول: كل يمين لا يقدر فيها صاحبها على الجماع، لمكان يمينه، فهو مول، فإن كان هذا لا يقدر على الجماع لمكان يمينه، فهو مول.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: هذا مول لا شك فيه؛ لأنه لا يخلو أن يكون أراد ألا يلتقيا في الفراش أو في بيت أو في دار، أو تحت سقف، وأي ذلك كانت نيته كان به موليا؛ لأن عدم الالتقاء عدم للجماع.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية