باب فيمن أو غرت من فلس، أو أن لها دارا أو وصية خالعت على ذلك، ثم تبين أن لا شيء لها، أو خالعت على ما في يديها، ولم يكن في يديها شيء خالع امرأته على مال، ثم جحدت
اختلف إذا قال: خالعتك، أو طلقتك على عشرة دنانير، وقالت: طلقتني على غير شيء، فقال مالك القول قولها مع يمينها، ولا شيء عليها. وقال وابن القاسم: القول قوله، وتعود زوجة بعد أن يحلف الزوج أنه خالع على ما ذكر، وتحلف هي أنه كان طلاقا بغير عوض، وجعل الخلع كالبيع إذا أنكر الآخر أن يكون اشترى، أن البائع أحق بسلعته، وبمنزلة ما قال: بعتك هذا العبد وأعتقته، وقال الآخر: لم أشتره -أن العبد يبقى رقيقا لبائعه على أحد القولين. عبد الملك:
وإن كان المدعى عليه الشراء موسرا، والخلع عنده معاوضة، فإذا لم يقر بالعوض لم يلزمه المثمون. والأول أحسن، ولا يرتفع الطلاق بعد وقوعه. قال أصبغ: إلا أن يقول الزوج: أردت ألا يتم الخلع حتى تعطيني، إذا نسق قوله بإقراره بالخلع.
ويختلف إذا هل يمضي الطلاق أو تعود زوجة؟ فقال خالعته على مال وغرته من فلس، لو عبد الملك: لم يلزمه الطلاق، ولو كان لها فيهما شبهة ملك، لزمه الطلاق. قال: ولو قالت: أخالعك على داري هذه أو على عبدي هذا، [ ص: 2538 ] فإذا الدار والعبد ليسا لها، فغرته بذلك -لم يلزمه طلاق، ولو كان وصى لها، ثم رجع الموصي عن وصيته بعد الخلع، أو لم يحملها الثلث، أو كانت في عطاء فسقط اسمها منه بعد الخلع -لزمه الطلاق، قال في كتاب قالت: أخالعك على ما أوصى لي به فلان، أو لي عطاء، ولم يكن وصى لها فلان، ولم يكن لها عطاء محمد: ولا شيء له عليها.
وأرى إذا رجع عن الوصية، أو سقط العطاء قبل الخلع وهي عالمة، أن يرجع عليها بمثل تلك الوصية والعطاء إذا كانت موسرة، وكذلك إذا غرته من دار أو عبد ليس لها، وهي موسرة، غرمت قيمة ذلك.
وإن كانت فقيرة فحينئذ تعود زوجة، وإن لم تعلم الزوجة برجوع الموصي عن وصيته، وهي معسرة، لم ترجع زوجة، وإن لزمه الخلع. قالت: أخالعك على ما في يدي، ففتحت يدها عن دينار أو ما أشبه ذلك
واختلف إذا كان ما لا قدر له كالدرهم، أو ما لا ينتفع به كالحصاة، أو لم يكن فيها شيء، فقال عند مالك لا خلع بينهما. قال: وهذا مما لا يجوز على أحد. وقال ابن حبيب: في كتاب أشهب محمد: إذا كان في يدها ما ينتفع به -الدرهم وما أشبهه- لزمه الخلع.
وإن كان حجرا أو لا شيء فيها، لم يلزمه الطلاق. وقال [ ص: 2539 ] ابن الماجشون:
يلزمه الطلاق; لأنه طلق بشيء يأخذه أو لا يأخذه. قال محمد: وهذا أحب إلي؛ لأنها لم تخدعه على جهل منه. وقول أحسن إذا كان الخلع عن مشاورة وعند الجد، وإنما يتسامح الناس في مثل هذا عند ما يكون من الهزل واللعب. مالك
قال عند مطرف فإن رضي الزوج وكان في يدها ما ينتفع به -وإن قل- فهو خلع، وإن كان حصاة أو ما لا ينتفع به فليس بخلع، وتكون طلقة له فيها الرجعة. ابن حبيب:
وهذا صحيح على أصل لأن الزوج عنده بالخيار في مثل هذا، له أن يرد الخلع، فإذا رضي وكان مما ينتفع به كان خلعا، وإن كان مما لا ينتفع به كان طلاقا مبتدأ من الزوج; لأنه هو ألزم نفسه ذلك، ولم يأخذ عوضا. مالك;
واستحسن إذا لم يكن في يدها شيء، أو كان مما لا ثمن له، وهي موسرة، أن تغرم ما يرى أنه لو كان في يدها لزمه الخلع، ولا ترد زوجة إلا أن تكون معسرة. [ ص: 2540 ]