الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في اقتضاء الدقيق عن القمح، والقمح عن الدقيق]

                                                                                                                                                                                        واقتضاء الدقيق من القمح على ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                        إما أن يكونا سواء في الكيل، أو يكون الدقيق أكثر كيلا، أو أقل كيلا: فإن كان في مثل كيله جاز.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: وإن كان قد ترك ريع القمح لموضع طحن الدقيق.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: أخذ الدقيق من القمح تدخله المبايعة، فإن كانت الجودة سواء، كان ريع القمح لمكان الطحين، وإن كان الدقيق أجود، كان الريع لمكان الطحين والجودة، وإن كان الدقيق أدنى، كان ريع القمح وجودته لمكان الطحين، فالمبايعة لا تفارقه بحال، وهذا على أصله في جواز بيع القمح بالدقيق. وأما على ما ذكره عبد الوهاب فيمنع هذا كله.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الدقيق أكثر كيلا وأقل من ريع القمح لم يجز، وإن كان مثل ريع القمح بأمر لا شك فيه والجودة سواء جاز؛ لأن الفضل من الغريم وحده، وهو حسن قضاء. وإن كان الدقيق أدنى في الجودة لم يجز. [ ص: 2856 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان أقل كيلا، فمنعه ابن القاسم. وأجازه أشهب إذا كانت الجودة سواء.

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن إذا كان أقل بالشيء الكثير مما يرى أنه معروف من القابض، وأن مثل ذلك لا يترك لوضع الطحين.

                                                                                                                                                                                        ومثله إذا كان أقل كيلا وأدنى جودة فذلك جائز، وإن كان أقل وأجود لم يجز قولا واحدا، وهذا في القرض، وكرهه ابن القاسم في البيع، وذلك كله مع حلول الأجل، وأما إذا لم يحل الأجل وأخذ دقيقا مثل كيل قمحه لم يجز؛ لأنها مبايعة، وإذا كانت مبايعة كان طعاما بطعام ليس يدا بيد إلا على القول ببراءة الذمم فيجوز.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الدقيق أقل كيلا لم يجز، ويدخله «ضع وتعجل» إذا كانا في الجودة سواء، أو الدقيق أدنى، وإن كان الدقيق أجود كان ربا، وإن تعجل الدقيق على القمح قبل الأجل لم يجز عند أشهب، ويدخله على قوله «ضع وتعجل». [ ص: 2857 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية