الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في اشتراط بدو الصلاح في الثمار ومعناه وكيفيته]

                                                                                                                                                                                        بيع الثمار والزروع والزيتون والتين والعنب والفواكه والبقول وما أشبه ذلك لا يجوز إلا بعد بدو صلاحها.

                                                                                                                                                                                        والصلاح في النخل: أن تزهي، ويصفر ما شأنه أن يصفر، ويحمر ما شأنه أن يحمر، وهو وقت الانتفاع به، وبدو الصلاح للزرع عند مالك أن يبيض.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن شهاب في كتاب محمد: كان العلماء يقولون: بدو صلاح الزرع إذا أفرك، والأول أحسن، لحديث ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن من العاهة». أخرجه مسلم. [ ص: 2901 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا وقع البيع بعد أن أفرك، واشترط المشتري أخذه يابسا، فقال مالك: إذا أخذ ذلك وفات، فلا يرد.

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب ابن حبيب: يفسخ ما لم يقبض، فإذا قبض، لم يفسخ.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في العتبية: إذا فات باليبس، لم يفسخ للاختلاف فيه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن عبد الحكم: يفسخ وإن يبس.

                                                                                                                                                                                        وكل هذا الاختلاف، فإنه سواء اشترى جزافا أو على الكيل.

                                                                                                                                                                                        وكذلك الفول والحمص يباع وهو أخضر وقد امتلأ حبه، فقال ابن القاسم: إن عثر عليه قبل أن ييبس فسخ، وإن يبس لم يفسخ للاختلاف فيه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن عبد الحكم: يفسخ وإن يبس.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ- رضي الله عنه -: إذا كان الزرع والفول وما أشبه ذلك يشرب بالعيون، أو بالدالية فأرى أن يمضي وعقده حينئذ جائز؛ لأنه مأمون، وإن كان يشرب بالسماء، وعدم الماء يضره، ويكون ناقصا لم يعقد فيه حينئذ بيع، ويفسخ ما لم يفت.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد في الزيتون: يباع إذا اسود أو نحا ناحية الاسوداد. [ ص: 2902 ]

                                                                                                                                                                                        وقال في التين: لا يباع حتى يطيب أوله، فيؤكل منه. وكذلك الفواكه كلها لا تباع حتى يطيب أوائلها ويؤكل منها.

                                                                                                                                                                                        وإذا كان في الدالية الحبات في العنقود والعنقودين فلا بأس ببيعه إذا كان طيب ذلك متتابعا. قال مالك: والتين كذلك.

                                                                                                                                                                                        وكذلك الحائط يزهي بعضه، قال: فإذا لم يزه الحائط نفسه وأزهى ما حوله، جاز بيعه، قال ابن القاسم: وأحب إلي حتى يزهي الحائط بعينه؛ للحديث، وإذا كان الذي أزهى باكورا لم يبع إلا ذلك الباكور وحده، وكذلك التين والعنب الصيفي والشتوي إذا بدا صلاح الصيفي بيع وحده دون الشتوي.

                                                                                                                                                                                        وإذا كان في الحائط أصناف ثمار نخل ورمان وخوخ وما أشبه ذلك لم يبع منه إلا ما طاب وحده.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: وإن كان الصنف الذي لم يطب الثلث فأدنى، لم يبع إلا ما طاب من ذلك، ولو كان زرعا قد يبس وفيه ما لم ييبس ولا خطب له فباعه كله فلا بأس به.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: لأن هذا الصنف واحد. [ ص: 2903 ]

                                                                                                                                                                                        وقال في الفجل واللفت والجزر والبصل والثوم المغيبة في الأرض: إذا استقل ورقه وتم وأمن عليه وانتفع به ولم يكن ما يقطع منه فسادا فبيعه حينئذ جائز، إذا نظر إلى شيء منه، يريد: كشف عنه، أو قلعه.

                                                                                                                                                                                        قال: وإن وجد منه شيئا مخالفا لما رأى رد بحسابه من الثمن.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية