الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في بيع الرطب بالرطب، والرطب بالتمر، والبسر بالرطب، والبسر بالبسر]

                                                                                                                                                                                        البسر بالبسر والرطب بالرطب والتمر بالتمر لا يجوز التفاضل فيها ، واختلف في بيع بعضها ببعض مثلا بمثل: فأجازه مالك وابن القاسم.

                                                                                                                                                                                        وذكر أبو محمد عبد الوهاب عن عبد الملك: أنه منع بيع الرطب بالرطب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أينقص الرطب إذا جف. . ." الحديث .

                                                                                                                                                                                        ويمنع على قوله بيع البسر بالبسر، ويجوز التمر بالتمر إذا كانا جديدين أو قديمين.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الجديد والقديم: فأجازه مالك في كتاب محمد، ومنعه عبد الملك.

                                                                                                                                                                                        والمنع في جميع ذلك أحسن إذا كانا من جنسين صيحاني وبرني ، وما يعلم أنهما يختلفان في النقص إذا صار تمرا، للحديث، ولا يجوز البسر بالرطب، ولا الرطب بالتمر مثلا بمثل، ويختلف إذا تحريا نقص الرطب إذا جف، وقد [ ص: 3107 ] اختلف قول مالك في بيع الطري من اللحم باليابس على التحري، وفي العجين بالدقيق على التحري، وأجاز في كتاب محمد رطب الخبز بيابسه على التحري ، والمنع في جميع ذلك أحسن; لأن الفضل محرم وإن قل، والتحري لا يأتي على حقيقة المماثلة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في بيع البلح الكبير بعضه ببعض لا يجوز متفاضلا . وأن يجوز أحسن; لأنه غير مدخر، وكذلك البلح الكبير بالبسر أو بالتمر قال مالك: لا خير فيه.

                                                                                                                                                                                        وقال في مختصر ما ليس في المختصر: تركه أحب إلي وعسى أن يجوز. وهذا أقيس; لأنه مدخر بما ليس بمدخر.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في الشتوي من التين والعنب متفاضلا: فأجيز; لأنه لا يدخر، ومنع; لأن الغالب في ذلك الجنس الادخار، فحمل القليل على حكم الكثير، وأجاز البلح الصغار بالكبار وبالبسر وبالرطب متفاضلا إذا كان يدا بيد.

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب القسم في البلح الصغار هو علف كالبقل.

                                                                                                                                                                                        فإذا كان في وقت يكون علفا جاز أن يسلم في الكبار وفي الزهو والتمر إذا كان مجذوذا أو يجذ قبل أن يراد للأكل، فإن كان يراد للأكل جاز التفاضل يدا بيد، ولا يجوز صغاره بصغاره إلى أجل وإن لم يكن طعاما، كما لا يجوز ثوب بمثله إلى أجل وأجاز النوى بالتمر، ومنعه مرة بموضع المزابنة خاصة; لأن التفاضل بين النوايين وبين النوى بالتمر جائز. [ ص: 3108 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية