الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل واختلف في الحيوان يصيب النجاسة

                                                                                                                                                                                        واختلف في الحيوان يصيب النجاسة هل ينقلها عن حكمها قبل أن تصيب تلك النجاسة. فقيل: هي على حكمها في الأصل في أسآرها وأعراقها ولحومها وألبانها وأبوالها. وقيل: ينقلها، وجميع ذلك نجس.

                                                                                                                                                                                        واختلف في عرق النصراني لما كان يشرب الخمر ويأكل الخنزير، وفي عرق السكران هل هو نجس أو طاهر، وفي أكل لحوم الجلالة وألبانها، فقال مالك: تؤكل ولا بأس بها . وقال ابن حبيب : يكره ذلك.

                                                                                                                                                                                        ويختلف على هذا في لبن المرأة تشرب الخمر، وفي لبن ما يأكل النجاسة، [ ص: 56 ] فقال ابن القاسم في جدي رضع خنزيرة: أحب إلي أن لا يذبح حتى يذهب ما في جوفه، ولو ذبح مكانه أكل. واستشهد على ذلك بالجلالة .

                                                                                                                                                                                        وقال في الطير تصاد بالخمر: يؤكل ، وعلى القول في عرق السكران إنه نجس -لا يحل أكل شيء من ذلك كله حتى تذهب منفعة ما تغذى به من ذلك.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في أرواث ما يأكل النجاسة وأبوالها: إنه نجس . وجمعه في الجواب ما يكون من ذلك من بني آدم ، وترجح فيه مرة، فذكر أشهب عنه في مدونته، فقيل له: أتعاد منه الصلاة؟ فقال: لا أدري.

                                                                                                                                                                                        ولأشهب في " النوادر" : إنه طاهر ، والقول الأول أحسن; فإن الجسم ينجس بما حل فيه من تلك النجاسة; لأنها تشيع فيه، والجسم لا يدفع عن نفسه، فأشبه مخالطة النجاسة المائعات.

                                                                                                                                                                                        وفي الترمذي والنسائي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنه نهى عن لحوم الجلالة وألبانها" ، وإذا نجس الجسم حرم أكله، وينجس اللبن بنجاسة الوعاء، وقد قال ابن القاسم في لبن الميتة: إنه نجس . [ ص: 57 ]

                                                                                                                                                                                        ويختلف على هذا في لحوم المواشي إذا شربت ماء نجسا قد تغير أحد أوصافه .

                                                                                                                                                                                        واختلف في البقول تسقى بالنجاسة، إلا أن يبعد عهدها به.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية