الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [كيفية استحقاق اللقطة]

                                                                                                                                                                                        واختلف في الوجه الذي تستحق به اللقطة، فقال في المدونة: إذا عرف العفاص والوكاء .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم أيضا وأشهب: إذا عرف العفاص والوكاء والعدد.

                                                                                                                                                                                        وقال أبو إسحاق ابن شعبان: إذا عرف العفاص والوكاء وما شدا عليه. يريد: العدد والسكة إن كانت دنانير، وإن كانت دراهم السكة والوزن.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب أيضا: إن عرف العفاص والوكاء دون العدد أو العفاص والعدد ولم يعرف الوكاء أو عرف الوكاء ولم يعرف ما سواه أجزأه ويحلف، [ ص: 3198 ] فإن نكل لم تدفع إليه، وإن عاد إلى أن يحلف . فأجاز أن تدفع بوجه واحد وهو الوكاء.

                                                                                                                                                                                        وعلى هذا تدفع إذا عرف العفاص وحده أو العدد، ولا أرى ذلك لأنه مخالف للحديث، ولأنه ليس الغالب ألا يعرف الإنسان مما سقط له إلا هذا القدر وهذه ريبة، ولو وصف الباطن وهي السكة والعدد دفعت إليه، وحمل على أنه نسي ما سوى ذلك لأن الباطن لا يعرفه إلا المالك.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا استحق قبضها بالصفة هل يحلف، وأرى اليمين استحسانا ، فإن نكل دفعت إليه، وليس قول أشهب في هذا بالبين لأن الحديث ليس فيه يمين، وإن وصف بعضا وأخطأ بعضا فوصفه بغير صفته لم تدفع إليه، ولو رجع فوصف ثانية لم تدفع إليه; لأن ذلك حدس وتخمين.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم: إذا وصف تسعة أعشار الصفة وأخطأ في واحد لم تدفع إليه إلا في معنى واحد أن يذكر عددا فيوجد أقل، فإن أشهب قال: يعطى، وقال: أخاف أن يكون اغتيل فيها .

                                                                                                                                                                                        ولو ادعاها رجلان واتفقت صفتهما اقتسماها بعد أيمانهما، فإن نكل أحدهما كانت لمن حلف. قال أشهب: وإن نكلا لم تدفع إليهما. وأرى أن يقتسماها; لأن يمين أحدهما للآخر من باب دعوى التحقيق، فإن نكل أحدهما كانت لمن حلف، وإن نكلا اقتسماها لتساوي دعواهما ولم يمنعاها لإمكان أن يدعيها ثالث، وإن زاد أحدهما صفة قضي له بها، مثل: أن يصفا [ ص: 3199 ] العفاص والوكاء، ويزيد أحدهما العدد أو العدد والسكة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اختلفت صفاتهما فوصف أحدهما الباطن، العدد والسكة، والآخر الظاهر، العفاص والوكاء، فقيل: من وصف العفاص والوكاء أحق بها للحديث. وقيل: يقتسمانها. وهو أبين لأن كليهما يريد أخذها بالدليل، ودليل من عرف الباطن أقوى، فهو إن لم يرجح به ويكون أحق فلا يكون أدنى منزلة، وإن أخذها أحدهما بالصفة ثم أتى آخر فوصف مثل الأول قبل أن يبين بها ويظهر أمرها قسمت بينهما، وهذا هو الصحيح من القول، وإن ظهر أمرها لم يقبل قول الثاني، وإن أقام الثاني البينة انتزعها من الأول إلا أن يقيم الأول بينة فيقضى بها لأعدلهما، فإن تكافئتا سقطتا وبقيت للأول بالصفة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون: إذا جاء رجل فوصف أو أقام البينة، فقال الملتقط: دفعتها لمن وصفها ولا أعرفه، ولم يشهد عليه، ضمنها; لأنه فرط إذ دفع بغير بينة . يريد: إذا لم يعلم دفعها إلا من قوله، ولو علم أنها أخذت منه بصفة لم يكن عليه شيء، وإن لم يشهد عليه ولا عرف الآن من هو.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: إذا وصف سكة الدنانير لم يعط لذلك حتى يذكر علامة وكاء أو سقاء. وقال يحيى بن عمر: يأخذه لذلك . يريد: إذا كانت دنانير البلد سككا، فإن كانت سكة واحدة لم تدفع إليه قولا واحدا. [ ص: 3200 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية