الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في لقطة الطعام

                                                                                                                                                                                        وإذا التقط طعاما لا يدخر ويخشى فساده كالفاكهة واللحم، فإن كان في غير عمارة أكله ولا ضمان عليه إلا أن يكون في رفقة وجماعة فيكون له حكم الحاضرة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا وجده في حاضرة، فقال مالك: يتصدق به أعجب إلي، فإن أكله فلا شيء عليه، والتافه وغيره سواء . وقال مطرف في كتاب ابن حبيب: يتصدق به ولا شيء عليه، وإن أكله ضمنه لانتفاعه به تافها كان أو غيره. وقال أشهب في مدونته: إن كان في عمارة أو قربها باعه وعرفه، فإن جاء صاحبه كان له الثمن .

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يفرق بين القليل والكثير، فما كان الغالب في مثله أن صاحبه لا يطلبه، وإنما يتفقده بالحضرة ثم يعرض عنه فلا شيء على واجده أكله أو تصدق به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في التمرة التي وجدها على الطريق "لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها" ، وكذلك ما كثر من التمر، والغالب أنه لا يطلب مثله.

                                                                                                                                                                                        وما كان الغالب طلبه أبقي لصاحبه على الأصل في الأموال أنها لأربابها، وعلى واجدها حفظها، وليس من وجد حمل فاكهة كمن وجد شيئا تافها، ولا [ ص: 3206 ] من وجد سليخا كمن وجد قطعة لحم، ولهذا قال مالك في الدلو أو الحبل: أن له أن ينتفع به، وإن تصدق به كان أحسن. لأنه وإن كان مما يدخر -أعني: الدلو والحبل- فالغالب ألا ينشغل صاحبه بطلبه كالتمرة وهي مما تدخر ولا تطلب. [ ص: 3207 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية