الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في ضالة البقر والخيل وغيرها من الدواب

                                                                                                                                                                                        يراعى في هذه أربعة أحوال: هل تؤخذ، وأمد التعريف إن أخذت، وبيعها، وإلى من يكون البيع؟ لمن أخذها أو السلطان؟.

                                                                                                                                                                                        فأما أخذها فيمنع إذا كانت في موضع رعي وماء لا يخاف عليها سباع ولا ناس، فإن انخرم أحد هذه الوجوه أخذت، وليس لهذه صبر عن الماء كالإبل. فإذا أخذت عرفت حولا إذا تكلف ذلك واجدها، ولم يلحق صاحبها في الإنفاق عليها في تلك المدة مضرة، فإن قدر على رعيها في أمن وحفظ وإلا أوجرت بقدر ما تحتاجه من النفقة في مأمون من الأعمال، فإن لم توف الإجارة بعلفها أو قال واجدها لا أتكلف الصبر عليها، بيعت.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن يتولى البيع، فقال مالك في المختصر: لا يبيع ضالة إلا الإمام .

                                                                                                                                                                                        وقال مطرف في كتاب ابن حبيب: أحب إلي أن تدفع إلى الإمام إذا كان مأمونا إلا في ما خف من الشاتين والثلاث، ويشهر ذلك .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إن باع الدواب بعد السنة بغير أمر السلطان ثم جاء صاحبها ولم تفت لم يكن له إلا الثمن .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في مدونته: له نقض البيع وإن لم يقدر عليها لم يكن له إلا [ ص: 3212 ] الثمن إذا بيعت خوف الضيعة بخلاف الثياب وما لا مؤنة في بقائه، فإن لصاحبه إذا فات الأكثر من الثمن أو القيمة.

                                                                                                                                                                                        وبيع الإمام إذا كان مأمونا أحسن ، فإن فعل كان بيعه ماضيا; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله فيها كالإمام، وأجاز أن تبقى عنده، ويكون هو المعرف لها، وأن يكون هو القاضي فيها فيدفعها لمن يعرفها دون الإمام، وإذا صح البيع صار حكم الثمن في وقفه والانتفاع به والصدقة حكم اللقطة. [ ص: 3213 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية