الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما يجب في الشفعة من الثمن]

                                                                                                                                                                                        الشفعة تجب بمثل الثمن إذا كان دنانير أو دراهم أو ما يكال أو يوزن، وإن كان عرضا أو غير ذلك مما لا يقضى فيه بالمثل فعلى ثمانية أقسام:

                                                                                                                                                                                        فالأول: إذا كان الثمن عبدا بعينه، فالشفعة بقيمته يوم البيع لا يوم الاستشفاع.

                                                                                                                                                                                        الثاني: أن يكون موصوفا في الذمة حالا، فالشفعة بمثله الآن.

                                                                                                                                                                                        والثالث: أن يكون الشقص صداقا ففيه وجهان، فقيل: يستشفع بقيمة الشقص، وقيل: بصداق المثل، وهذا بناء على استحقاق الشقص، فقيل: يرجع بقيمته، وقيل: بصداق المثل وبقيمته أحسن .

                                                                                                                                                                                        والرابع: أن يكون أخذ عن خلع أو صلح أو عن دم، فالشفعة بقيمته.

                                                                                                                                                                                        والخامس: أن يكون صلحا عن دار أو عبد، والمدعى عليه منكر، فقيل: فيه الشفعة بقيمة المدعى فيه، وقيل: لا شفعة فيه; لأن الأول إنما دفع عن نفسه خصومة، والقياس أن يستشفع بقيمته لا بقيمة المدعى فيه قياسا على قوله: إنه إذا استحق رجع بقيمته لا بقيمة المدعى فيه، وفي استشفاعه بقيمة المدعى فيه ظلم على الشفيع; لأن الغالب في الصلح على الإنكار أنه لا يؤخذ ما يساوي قيمة المدعى فيه، ولا ما يقاربه، والمسامحة فيه والتجاوز أكثر منه في النكاح، فإذا لم يجعل لزوجته أن تأخذ من الشفيع قيمة ما سلمت وهو صداق المثل لم يرجع [ ص: 3347 ] هذا بقيمة ما ادعى فيه مع أنه لم يثبت أنه ملك له.

                                                                                                                                                                                        والسادس أن يكون ذلك الشقص عوضا من هبة الثواب، فإنه يستشفع إن كانت الهبة قائمة بقيمته.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت فائتة، فقال ابن القاسم: بقيمته، وقال أشهب وعبد الملك: بالأقل من قيمة الهبة أو قيمة الثواب .

                                                                                                                                                                                        والسابع أن يكون الثمن جزافا، فقال محمد: إن اشترى بحلي جزافا، فإن الشفيع يستشفع بقيمته، فإن كان ذهبا قوم بالفضة أو فضة قوم بالذهب، والقيمة في ذلك يوم كان اشترى ليس يوم يأخذ بالشفعة، وكذلك كل ما اشترى به جزافا فالقيمة في ذلك يوم كان اشترى ليس يوم يأخذ بالشفعة.

                                                                                                                                                                                        والثامن: أن يكون مما له مثل فيغرم ذلك المثل، فرجع فيه إلى القيمة، فقال مالك في المجموعة فيمن اشترى بعنبر يوجد ولم يأخذ، فعلى الشفيع قيمته ، وأرى أن يكون المشتري بالخيار بين أن يأخذ بقيمة هذا أو يضم حتى يؤخذ أو يأتي وقت السفر به أو قدوم الناس به.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية