الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في اختلاف المشتري والشفيع والورثة والغرماء

                                                                                                                                                                                        ومن اشترى شقصا مربحا، واختلف غرماء المشتري والشفيع في الأخذ والترك كان القول قول الشفيع في الأخذ، وإن كره ذلك غرماء المشتري، وإن اختلف الشفيع وغرماؤه في الأخذ أو الترك كان القول قول من ادعى منهما إلى الترك، فإن ادعى الغرماء إلى الأخذ لفضل فيه، وكره ذلك الشفيع كان القول قوله; لأنه ليس لهم أن يجبروه على الشراء ولا على التجارة وإن دعا الشفيع إلى الأخذ، وكره الغرماء كان القول قولهم; لأن من حقهم أن يقبضوا ذلك الناض بالحضرة، وتأخيرهم به إلى أن ينقد في ثمن الشقص- ظلم عليهم، ولأنهم يخافون الاستحقاق فيرجع عليهم وهذا هو القياس، والاستحسان إذا كان فيه الفضل والبيع لا يتراخى، وإنما هو إلى اليوم واليومين; لأن ذلك لا كبير ضرر عليهم، ولأن الاستحقاق من باب النادر، والنادر لا حكم له، فإن اجتمع أمرهم على الأخذ، فإن مات الشفيع، ولم يخلف ورثة والمال لا يوفي وفي الأخذ فضل وأرادوا الأخذ كان ذلك لهم، وإن كان له ورثة فاجتمع أمرهم على أخذ أو ترك كان الأمر على ما اجتمعوا عليه، وإن اختلفوا كان القول قول من دعا إلى الأخذ من غريم أو وارث، إلا أن ذلك للغرماء إذا كان في الأخذ فضل، وللورثة إذا كانوا يأخذون ذلك من أموالهم لا من مال الميت لأن من حق الغرماء أن يتعجلوا قبض ذلك العين، ولا يولج في شراء، وقال محمد: ليس [ ص: 3369 ] للغرماء الأخذ إلا أن يشاء الورثة، فإن أخذوها بمال الميت كان للغرماء الفضل، وإن بقي شيء عن دينهم كان ميراثا، وإن أخذوها بمالهم بيعت حينئذ برأس المال، وقضي بالفضل دينه ، فلم ير للغرماء شفعة إذا كره الورثة لموضع العهدة متى طرأ استحقاق ومراعاة الاستحقاق من النادر.

                                                                                                                                                                                        واختلف في مراعاة النادر إلا أن يسقط الغرماء العهدة عن الميت ويثبتوا للمشتري أن العهدة عليهم دون الورثة، وليس الربح للغرماء، وإن أدوا فيه أموالهم لما كان الأخذ بحق كان للميت، والقياس أن يكون الربح لهم; لأن من أموالهم سببه، ولأنهم لو لم يدفعوا في ذلك أموالهم لم يفد الغرماء كون الشفعة للميت بشيء، وإذا قال الورثة: لا ندفع في ذلك أموالنا إلا ليكون الفضل لنا مكنوا من ذلك وكل هذا فعلى القول إنه يجوز أن يستشفع للبيع، وقد اختلف في ذلك، فقال ابن عبدوس: قال سحنون وقال مالك: يبدأ بالورثة فيقال لهم: إن قضيتم الدين فلكم الشفعة; لأن الميراث بعد الدين، فإن أبوا بيع نصيب الميت للدين ولا شفعة; لأن الشقص الذي يستشفع به قد بيع .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: فإن كان الدين مائة وخلف سوى الشقص مائة وقيمة الشقص خمسون كان للغرماء أن يأخذوا المائة ويبقى الشقص ميراثا فيستشفعوا من أموالهم، وإن كان خلف خمسين لم يستشفعوا لأن الشقص يباع للغرماء إلا أن يقضوا الخمسين الأخرى من أموالهم، ويبقى لهم الشقص فيستشفعوا به. [ ص: 3370 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية