باب فيمن قال : بيعوا عبدي واشتروا عبد فلان للعتق أو لفلان 
وصية الرجل ببيع عبده  على ستة أوجه : 
فإما أن يقول : بيعوه ممن أحب ، أو من فلان ، أو بيعوه لا يزيد على ذلك ، أو يشترط مع ذلك عتقه فيقول : بيعوه ممن أحب للعتق ، أو من فلان للعتق ، أو بيعوه للعتق ولا يسمي أحدا ، فإن كان ثلث الميت يحمل قيمة العبد ولم يوص الميت بغير ذلك أنفذت وصيته ، فإن قال : بيعوه ممن أحب وأحب العبد أن يباع من أحد بيع منه ، فإن لم يشتره بقيمته حط إلى مبلغ ثلث قيمته ، فإن لم يرض إلا بأكثر ، أو لم يكن له رغبة في شرائه ، أو انتقل العبد إلى آخر فعل معه مثل ذلك ما لم يكثر ، فإن لم يرض من يختاره العبد إلا بوضيعة أكثر من الثلث ، كان فيه قولان : 
فقال  مالك   : يخير الورثة بين أن يبيعوه بذلك ، أو يعتقوا ثلثه ، وقال أيضا : يكون رقيقا . وهو أقيس; لأن الوصية لم تكن بأكثر مما فعلوه ، وإن لم يحمله الثلث ولم يجز الورثة الوصية أعتق منه ما حمل جميع الثلث من مال الميت ليس ثلث العبد ، وإن قال : بيعوه من فلان عرض عليه بقيمته ، فإن لم يرض حط إلى مبلغ ثلث قيمته .  [ ص: 3547 ] 
واختلف إذا لم يرض إلا أن يحط فوق ذلك ، أو قال : لا أشتريه ، فقال  ابن القاسم  في المدونة : له ثلث العبد بغير شيء . وقال  أشهب  في كتاب محمد   : لا شيء له . وهو أحسن ، وقد تقدم وجه ذلك . 
واختلف في القدر الذي يحط إذا قال : بيعوه ممن يعتقه ، فقال  مالك   : يحط ثلث قيمته ، وقال في كتاب محمد   : يباع بما أعطي فيه ويجعل ثمنه ثلث الميت ويبدى على الوصايا . قال : وإنما يمضي ثلث ثمنه إذا قال : بيعوه ممن أحب . وهو أصوب; لأنه إذا قال : بيعوه ممن أحب يشتريه مشتريه ليتملكه فيحط ما يكون تغابنا والمشتري للعتق لا يتملكه ، وإنما هو معتق على الآخر ولا يبذل فيه للعتق إلا أيسر ثمنه . 
وأرى أن ينظر إلى ما يباع به بشرط العتق ، فإن قيل : عشرون كانت العشرون كالثمن الصحيح ثم يحط ثلثها; لأنه التغابن الذي يقع في بعض البياعات . وقال  أشهب   : إذا قال : بيعوه ولم يزد على ذلك لم تنفذ وصيته . 
وحمل قوله أنه لغير فائدة وأن ينفذ أحسن ، وليس يوصي الميت بذلك إلا لفائدة ، وهو أعلم بفائدة ذلك ، وقد يريد صرف الأذى عن العبد; لأن كثيرا ما يجري بين العبد وبين أولاد سيده المفاسدة لما يريدون منه من مال سيده ،  [ ص: 3548 ] أو يكون عبد سوء ويخشى على ولده منه ، فإن كان الوارث عاصبا فكثيرا ما تجري المفاسدة بين الأقارب فيحتمي لسيده فيهدده متى ما ملكه ، فإن قال : بيعوه ممن أحب للعتق أو من فلان للعتق أنفذ ذلك . 
ويختلف في القدر الذي يحط ، هل يحط ثلث قيمته أو يباع بما أعطى ، وإن لم يحمله الثلث ، ولم يجز الورثة عتق ما حمل الثلث ، وهذا الجواب في الوصية بالبيع . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					