فصل [في الوصية إذا قال : إن مت من مرضي أو في سفري هذا فأنت حر ولم يكتب كتابا] 
وإن قال : إن مت من مرضي أو في سفري هذا فأنت حر  ، ولم يكتب كتابا فصح أو قدم ، سقطت الوصية ، وهو في الكتاب بذلك على ثلاثة أوجه : فإن كانت على يدي غيره فلم يأخذها منه بعد صحته أو قدومه أنفذت ، وإن  [ ص: 3563 ] أخذها سقطت . 
واختلف إذا كانت من الأول عنده ، فقال  مالك  مرة : تثبت ، وقال في المجموعة : لا تثبت لأن أكثر وصايا الناس عند السفر والمرض ثم يزول ذلك فيثق بوصيته أنها موضوعة فيقرها فهي نافذة . قال  سحنون   : والرواية الأخرى أنها إن كانت عنده فهي باطل- أحسن . 
وقال أيضا : إن قال : إن مت من مرضي ثم صح فلم يغير وصيته حتى مرض مرضا ثانيا فمات وقد أقر الوصية فهي نافذة ، وقاله  أشهب  قال : لأنه لما أقرها في المرض الثاني فكأنه عناه ، قال : وكذلك السفر إن مات في سفر آخر . قال  مالك   : وإن قال : إن مت فيما بيني وبين سنة ، فيذكر وصيته فيموت بعد الأجل فهي نافذة . وكذلك الحامل تقول : إن مت من هذا الحمل فتموت من غير حمل . 
والأصل متى علق نفوذها بشرط مرض أو سفر أو أجل أو حمل فلم يمت منه أن تسقط لعدم الشرط الذي أوجب نفوذها به ، إلا أن يكون القصد عنده نفوذها به متى مات منه أو من غيره ، فصار كالذي يقول : إن مت مطلقا ولم يقيده بشرط فتنفذ إن كانت عنده أو عند غيره ولم ينتزعها وراعى مرة في  [ ص: 3564 ] الشرط إن كانت عنده ولم يراعه إذا كانت عند غيره وأقرها ، ورأى أن إقراره قصد لإنفاذها . 
وإذا قبل الوصي الوصية في صحة الموصي أو مرضه ثم رجع عنها في حياته  كان ذلك له . قال  أشهب  في كتاب محمد   : لأنه لم يغره وإن رجع بعد موت الموصي لم يكن ذلك له ، قال  أشهب   : وكذلك إن قبلها بعد موته أو كان منه ما يدل على القبول من البيع والشراء والقضاء والاقتضاء ، ولا فرق بين رجوعه قبل ولا بعد إذا كان قبوله بعد ; لأنه لم يغره . وقال  أبو محمد عبد الوهاب  وأبو الفرج   : إذا قبل الموصى إليه الوصية  لم يكن له تركها . وهو أحسن; لأن قبولها التزام فلا فرق بين رجوعه في الحياة أو بعد الموت إلا أن تطول مدة السفيه بعد البلوغ وهو على السفه ، فللوصي أن ينتزع من النظر له; لأنه لم يلتزم النظر إلا إلى الوقت المعتاد . 
وإن قال : فلان وصي حتى يقوم فلان جاز ، ولهذا أن ينظر في جميع ما ينظر فيه الوصي حتى يقدم الغائب ، ثم لا يخلو الغائب من أن يقيم هناك أو يموت أو يقدم فيقبل أو لا يقبل . وقال  أشهب  في المجموعة : إن مات في غيبته فلا وصية للحاضر وينظر السلطان . وكذلك على قوله إذا أقيم فلم يقبل ، وهذا الذي يقتضيه مجرد قول الميت إلا أن يكون السبب في إقامة الغائب امتناع الحاضر من قبول الوصية ، فقيل له : تكلف ذلك حتى يقدم فلان فإذا كان ذلك السبب جاز أن يتمادى في جميع هذه الوجوه إن أحب ذلك وإن كره لم يلزمه لأنه التزم وقتا .  [ ص: 3565 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					