الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [العتق بيمين]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : التدبير بغير يمين والعتق بيمين مختلف فيه .

                                                                                                                                                                                        يريد : إذا حلف ليفعلن ، فهما يجتمعان في أن التدبير عتق يوافي به الموت ، ويكون في الثلث ويمنع من البيع في الحياة ، واليمين بالعتق عتق يوافي به الموت إن لم يفعل ، ويكون في الثلث ويمنع من البيع في الحياة ، ويفترقان في [ ص: 3708 ] أن المحلوف عليه إن حلف ليكلمن فلانا قد يموت في حياة الحالف فيقع العتق في الحياة ، فإن أقام عليه غرماؤه في الحياة بيع لهم لما كان قادرا على أن يكلمه ، بخلاف المدبر ، ولهذا افترق حكمهما بعد الموت إذا ضاق الثلث فبدي المدبر على الذي حلف بعتقه ، وإن كان عقد التدبير بعد المحلوف عليه بعتقه; لأنه آكد لما كان قادرا على إسقاط اليمين في أن يكلمه ، وإن نذر عتقا فقال : لله علي عتق عبد ولم يعينه ، أو قال عتق هذا العبد ، لزمه الوفاء بذلك ، ويفترق الجواب في الجبر على ذلك فإن لم يعين العبد ، لم يجبر .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا عين ، فقال مالك : إذا قال : لله علي عتق رقيقي هؤلاء ، إن ذلك واجب عليه ولا يجبر ، فإن شاء حبسهم وإن شاء أعتقهم . ولأشهب عند محمد : إن قال : لا أفيء ، قضي عليه ، وإن قال : أفعل ، ترك ، وإن مات قبل أن يفعل لم يعتقوا عليه في ثلث ولا غيره ، فلم يجبر في القول الأول ، لقوله : لله ، فخرج مخرج القرب التي تتجرد لله سبحانه كالصلاة والصيام والحج ، وما هذه سبيله [ ص: 3709 ] فمخرجه مخرج المعاوضات إن وفى أخذ العوض تكفر سيئاته وترفع درجاته ، وإن لم يوف لم يكن له عوض وجبر في القول الآخر; لأنه اجتمع فيه حق لآدمي عتق بهذا ، فكان للعبد أن يقوم بحقه ، وإن ترك العبد القيام ، لم يجبر ، ولو قال : أوجبت لك عتقك لجبر على القولين جميعا ، وعلى هذا الجواب في الصدقة ، ولو قال : لله علي صدقة مائة دينار ، لم يجبر ، وإن قال لمعين : لك علي صدقة مائة دينار جبر; لأنه شافه الرجل بالإيجاب ، وإن قال : لله علي صدقة مائة دينار يأخذها فلان ، كانت على القولين .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد فيمن جعل شيئا للمساكين ولم يعينهم : إنه يجبر ، فعلى هذا يجبر في العتق ، وإن لم يعينه أو عينه فقال : لله علي عتق رقيقي . [ ص: 3710 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية