فصل [في وصية الرجل لعبده ولعبد وارثه] 
وصية الرجل لعبده  ولعبد وارثه جائزة إذا لم يكن معه وارث سواه وإن كثرت ، فإن كان معه وصايا حاص بوصيته ، فإن كانت الوصية لعبد وارثه ومعه ورثة جازت فيما قل مثل الثوب والشيء الخفيف ، ويجوز بأكثر من ذلك إذا كان لقضاء دين عليه ، وكان القضاء يزيد في ثمنه الشيء اليسير ووصيته لمدبر ولده وأم ولده تجوز في الشيء اليسير وتجوز للمكاتب بالكثير إذا كان يقدر على أداء كتابته من غير الوصية . قال  أشهب   : فإن كان لا يقدر إلا بالوصية وكان الأداء أفضل للسيد لم يجز ، وإن كان العجز أفضل ، جازت . وأرى أن تجوز وإن كان الأداء أفضل للسيد; لأن القصد بالوصية للمكاتب ليخرج بها من الرق . 
وقد اختلف فيمن زوج ابنته في مرضه وضمن الصداق  ، فقيل : الضمان جائز وهي وصية للزوج ، وإن كانت المنفعة تصير للابنة . وقيل : لا يجوز الضمان . والأول أحسن ، فإذا أوصى لعبده أو لعبد وارثه بوصية لم يكن للورثة ولا لسيد العبد الوارث أن ينتزعها . قال  ابن القاسم   : ولو انتزعها لكانت وصية الميت غير نافذة ، وإن باعوه باعوه بماله ، وإذا بيع بماله كان للمشتري أن ينتزع ذلك إن شاء . وقال  أشهب   : يقر ذلك بيد العبد حتى ينتفع به ويطول زمان ذلك ولا ينتزعوه إن باعوه قبل أن يطول زمانه . قال : واستحسنت في الكثير ما ذكرت لك ، قال : لأن القياس إما أن ينتزعوه مكانه  [ ص: 3587 ] أو لا ينتزعوه أبدا;  لأن الميت نزعه منهم . والأول أحسن ألا ينتزع بحال; لأن الميت كما قال انتزعه منهم ، وكذلك أرى في المشتري ألا ينتزعه; لأن البيع على أن ينتزعه المشتري بمنزلة انتزاع الوارث فقد يكون ثمن العبد خمسين دينارا وفي يديه خمسون ، فإن بيع بماله على أن للمشتري أن ينتزع ماله كان ثمنه مائة دينار أو ما قاربها ، فكان البائع هو المنتزع إذ سلطه على ذلك ، وأخذ له ثمنا ، ولو بيع على أنه في يديه كالحبس لم يزد في ثمنه كبير شيء . 
وأجاز  ابن القاسم  إذا كانت الوصية لعبد أجنبي  للسيد أن ينتزعها ، والقياس أيضا ألا ينتزع كعبد الموصي; لأن القصد بالوصية  انتفاع العبد ولو لم يرد ذلك لوصى بها لسيد ذلك العبد .  [ ص: 3588 ] 
				
						
						
