الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في وصية المقتول للقاتل وما يتعلق بذلك

                                                                                                                                                                                        وصية المقتول للقاتل على خمسة أوجه :

                                                                                                                                                                                        إما أن يوصي له قبل القتل ثم يموت بفور الضرب ، أو بعد حياة ولم يعلم أنه قاتله ، أو علم ، أو كانت الوصية بعد الضرب وعلم أنه قاتله ، أو لم يعلم ، والقتل في جميع ذلك خطأ أو عمدا ، فإن وصى له قبل الضرب ثم قتله خطأ ، فقال مالك : الوصية من ماله دون الدية ، قال : بمنزلة الميراث إذا قتل موروثه خطأ ، فله الميراث في المال دون الدية ، قال محمد : لأن الدية أديت عنه ، وهو أيضا يؤدي فيها فلا يؤدي عن نفسه لنفسه .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم : إن أوصى له بعد أن ضربه خطأ ، فإن علم كانت الوصية في المال والدية . وفي كتاب محمد : ذلك سواء علم أو لم يعلم الوصية في المال والدية ، وإن أوصى له ثم قتله عمدا ومات بفور ذلك أو بعد حياته ولم يعلم أنه ضاربه سقطت وصيته ولا شيء له في مال ولا دية ، وكذلك إن علم ولم تكن الوصية بكتاب .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت بكتاب ، فقال محمد : إن علم فأقر الوصية على حالها فهي جائزة من ماله بمنزلة ما أوصى له بعد الجناية ، وإن أوصى له بعد الجناية ولم يعلم أنه قاتله فلا شيء له .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم : إلا أن يكون قد علم أنه قتله عمدا فأوصى له بعد علمه ، [ ص: 3597 ] وقال محمد : إذا أوصى له بعد أن جنى عليه وهو يعلم أو لا يعلم فالوصية له نافدة . وقوله في الخطأ إنه بمنزلة الميراث فليس بالبين وليس الأصلان سواء; لأن منع الميراث من الدية شرع ، ولو أوصى بأن يورث منها ما جاز ، وإن أوصى لغير وارث أن يعطى ثلث الدية جاز والاعتراض ألا يأخذ مما يؤدي غير صحيح ، فلو أوصى لغريمه بثلث ماله كان للغريم من الدين الذي عليه ثلثه ، ولو جنى على عبد مريض كان للموصى له ثلث قيمة ذلك العبد . [ ص: 3598 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية