الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب [فيمن أوصى لرجلين أحدهما وارث]

                                                                                                                                                                                        ومن أوصى لرجلين أحدهما وارث ، ولا وارث له غيره ، جازت وصية الأجنبي إذا كانت الوصية لهما بثلثي المال فأقل; لأن الذي ينوب الأجنبي الثلث ، وكذلك إن كانت الوصية بأكثر من الثلثين ، ولم يجز الوارث ، فإن للأجنبي الثلث ، وكذلك إن كانت وصيتان ، لكل واحد شيء بعينه ، وهما في القيمة الثلثان ، فكانتا متكافئين فتجوز وصية الأجنبي .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون في ثمانية أبي زيد فيمن هلك عن وارث واحد ، وأوصى بثلثه لأجنبي ، ثم قال : ثلثي لفلان يعني الوارث ، أو قال : ثلثي لفلان الوارث ، ثم قال : ثلثي لفلان الأجنبي ، قال : فإن كان الأجنبي هو الآخر ، كان له الثلث كله ، وإن كان الوارث الآخر ، كان له الثلث كله; لأنه انتزاع من الأجنبي . فجعل الثلث بمنزلة العبد المعين يوصي به مرتين ، فجعله للآخر منهما .

                                                                                                                                                                                        وإن كان للميت ورثة سوى الموصى له ، وكان جميع الوصية الثلث فأقل ، مضت الوصية للأجنبي ، وكان الورثة بالخيار في نصيب الوارث ، وإن كانت أكثر من الثلث ، ولم يجز بقية الورثة ، تحاص الموصى لهما ، فما صار للوارث ، [ ص: 3655 ] دخل فيه جميع الورثة ، وإنما لم يجعل في المسألة الأولى محاصة; لأن ما ينوب الوارث ليس بوصية في الحقيقة ، فليس يأخذه بالوصية ، وإنما يأخذه بالميراث بكتاب الله عز وجل ، وإن كان معه وارث ، كان ما فضل به أحدهما على الآخر وصية; لأنه يعطيه أكثر مما جعل الله تعالى له بالميراث .

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن مات عن ثلاثمائة دينار ، وخلف ابنا وابنة ، وأوصى بثلث ماله لأجنبي ، وأوصى أن تقسم المائتان بين الذكر والأنثى بالسواء في صفة الحصاص ، فقال ابن القاسم : تضرب للابنة بخمسين; لأنه سمى للذكر مائة ، فيكون للبنت خمسون ، والزائد وصية . وقيل : يضرب بثلث المائة; لأن حقها من المائتين ثلثها ، والزائد وصية . وقد قيل فيمن أوصى بالثلث ، وبتسمية : إنه لا يضرب صاحب التسمية مع صاحب الثلث بشيء ، فعلى هذا لا تضرب الابنة مع الأجنبي; لأن له ثلثه أخرجه فيما أحب من وجه البر ، وبقي الثلثان فضل فيه أحد الولدين على الآخر ، ولم يقصد أن يدخل شيئا من المائتين في الثلث .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن أوصى بثلث ماله وألا تنقص أمه من السدس ، قال : يعزل [ ص: 3656 ] الثلث ، ويقسم الباقي على الورثة ثم ينظر ما بقي للأم إلى تمام السدس ففيه تحاص ، فما صار لها فإن أجازه الورثة وإلا رجع ميراثا ، ولو أجازوا لها وللأجنبي ، خرجوا من نصف المال ، وقسم الورثة الباقي على مواريثهم بالذي تقوم منه الفريضة من ثمانية عشر ، للموصى له بالثلث ستة ، وللأم السدس من الباقي ، وهو اثنان الباقي إلى تمام سدس الجملة واحد فيه تحاص ، فيقسم الثلث بينهما أسباعا فيكون للموصى له بالثلث ستة أسباعه ، وللأم سبع الثلث .

                                                                                                                                                                                        وقال في امرأة خلفت زوجا ، وأما ، وأختين لأم ، وأختين شقيقتين ، أو لأب ، وأوصت ألا تنقص الأم من السدس شيئا ، فأجاز الورثة ، فإن الوصية بالعول من عشرة ، للأم منها سهم فأسقط ، وتبقى تسعة فتعطى الأم سدسها من رأس المال ، ويقسم الباقي على تسعة ، قال : وكذلك لو تركت الأم نصيبها للورثة ، أو قالت : نصيبي عندي ، ولم يكن وصي لها بشيء . [ ص: 3657 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية