الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيما إذا اشترى أباه وعليه دين أو ورثه أو وهب له

                                                                                                                                                                                        وقال في المدونة فيمن اشترى أباه وعليه دين لم يعتق عليه ، قال : وإن كان عنده بعض ثمنه لم يعتق عليه ما بقي منه ويرد البيع . قال في كتاب محمد : يرد البيع وقال محمد : يرد منه قدر الدين ويعتق الباقي .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ : ونقض البيع في الموضعين جميعا ظلم على البائع; لأنه باع ما يجوز له بيعه بثمن معلوم ممن يجوز له شراؤه ، وحكم العتق معنى آخر يعتبر فيه يسر المشتري وعدمه ، ولابن القاسم وابن نافع في كتاب المدنيين في رجل باع من رجل أخاه على علم أنه أخو المشتري عتق عليه ، ثم تقاضاه فلم يجد له مالا غير الأخ المعتق عليه إنه يباع له في حقه إلا أن يكون فيه فضل عن الثمن ، فيباع بقدر الثمن ويعتق الباقي ، فرد العتق; لأن من مقال البائع أن يقول : كان ظاهره اليسر فسكت ، وأنا أرى أني مجبور على ذلك ، ولو علمت بعسره لقمت ، وإن وهب له بعض من يعتق عليه ، أو تصدق به عليه كان حرا ، ولم يبع للدين .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ورثه ، فقال ابن القاسم في كتاب محمد : يباع للدين . وقال [ ص: 3778 ] أشهب : لا يباع . وقول ابن القاسم أقيس; لأن الميراث يوجبه ملكا والدين سبق الملك ، ولا يصح أن يعتق على مفلس ، وإنما لم يبع في الهبة والصدقة; لأن الواهب والمتصدق يقصد إكرامه بالعتق ، فلا يغير عما أعطى عليه ، ولو كان المعطى لا يعلم أنه أبوه لكان الخلاف فيه كالميراث . [ ص: 3779 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية